أبدى خبراء الشركات الصناعية الحكومية العراقية اعتراضهم على طريقة تعامل الحكومة مع الموظفين في موضوع الرواتب التي لا تزيد على 400 دولار شهرياً، ولفتوا إلى أن الخبرات الوطنية تغادر البلد مع تلقي عروض ومغريات من الخارج. ويقول المهندس الفني حيدر جعفر في تصريح إلى «الحياة» «الحكومة تتعامل معنا بغموض، فتارة تبقي على نظام سُلم الدرجات الثلاث وتارة تحولنا إلى السُلم الوظيفي لكن برواتب متدنية جداً». المهندس زياد الشمري المختص في مجال التعدين يؤكد أنه اضطر إلى ترك وظيفته الحكومية منذ عام 1995 وتوجه إلى ألمانيا للعمل موضحاً أن راتبه هناك يُحدد بالساعات وأن مردود كل ساعة يتجاوز 15 دولاراً. ويتابع «قرار إعادة الموظفين المغتربين إلى دوائرهم شجعني على العودة إلى بغداد وفعلاً تقررت إعادتي لكن براتب لا يتجاوز 600 ألف دينار (500 دولار)، ولهذا قررت أخذ إجازة طويلة من دون راتب والعودة إلى ألمانيا إلى حين تحسن الأوضاع الوظيفية في بلدي». عبء ثقيل بعض شركات التصنيع العسكري المنحلة، التي دمجت بوزارات مختلفة، تشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل الموازنة العراقية كونها تستنزف سنوياً أكثر من 11 ترليون دينار عراقي (نحو عشرة بلايين دولار) كرواتب لموظفيها. ورأى جعفر أن على الحكومة التفكير في كيفية تسديد 11.98 ترليون دينار سنوياً كرواتب للشركات العامة إضافة إلى شركات التصنيع العسكري المنحلة. وتعاني الشركات الصناعية ضعف قدرتها على منافسة المنتجات المستوردة التي تسيطر على السوق في ظل غياب قوانين تحمي الصناعة المحلية. المدير المفوض ل «شركة الصناعات الإلكترونية» أحمد عبدالرافع العريبي أوضح أن شركته تأسست عام 1973 برأس مال بلغ مليون دينار عراقي أي ما يعادل ثلاثة ملايين دولار حينها، للبدء في إنتاج الأجهزة الكهربائية. ويتابع «رأس مال الشركة تضاعف أخيراً بعد إضافة الحكومة خمسة ملايين دولار بهدف تنويع المنتجات، غير أن معاملنا الستة وعدد المنتسبين الذي يزيد على 740 بين خبير وفني وعامل، هي العقبة الوحيدة أمام تحقيق أرباح، ومعظم الشركات يعاني تضخماً في اليد العاملة». وعن قرار الحكومة العراقية تشجيع المنتج المحلي وحجم الاستفادة من هذه القرارات، قال «حتى الآن لم نلمس أي تشجيع لمنتجاتنا من القطاع العام ولا من الخاص فالشركات الأجنبية تنافسنا ونحن نحتاج إلى دعم الدولة مادياً ومعنوياً وضريبياً». ولخّص مشاكل الشركة في أنها تتعلق بالتمويل الذاتي، إذ إن انخفاض المبيعات يعني عدم صرف الرواتب للموظفين، فضلاً عن الكثير من القوانين التي لا تصب في مصلحة العمل. أدنى من الطموح ويضيف: «لا زلنا تائهين، فنحن لسنا شركة في القطاع الخاص لنتصرف ولسنا شركة قطاع عام تابعة للدولة، كما أن معدلات الرواتب الحالية قريبة من سلم رواتب الدولة، لكنها أدنى من الطموح». أما عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية نورة البجاري، فأشارت إلى أن معدلات الدخل المتدنية هي من أكثر الأسباب التي تغذي عزوف الكفاءات العراقية عن العودة إلى البلاد، مقارنة بما يتقاضونه في الخارج. وتابعت «الدولة أنفقت مبالغ طائلة خلال السبعينات والثمانينات لتدريب الكوادر العراقية في بلدان متقدمة، وهذا ما يسمى بالتنمية البشرية الفنية، لكن للأسف غالبية هذه الكفاءات فضلت الهجرة بعدما تلقت عروضاً ومغريات من دول أخرى». ولفتت إلى أن البرلمان العراقي تمكن عبر إقرار موازنة العام الحالي، من إضافة فقرات لتعديل مرتبات موظفي الدولة، مشيرة إلى أن هذا الأمر يجب أن يقترن بدراسات للحد من مشكلات التضخم وزيادة معدلات الدخل القومي.