أكد رئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ديفيد باراغوانث أن المحكمة ليست صاحبة اختصاص في شأن الأحداث التي وقعت بعد 12 كانون الأول (ديسمبر) 2005 ما لم يوافق كل من لبنان والأممالمتحدة ثم مجلس الأمن في مرحلة تالية على أن تتولى المحكمة النظر فيها. وأجاب باراغوانث عن أسئلة في حديث مسجل وزعته المحكمة أمس. وسئل عما إذا كان بإمكان المحكمة أن تحاكم المسؤولين عن الاغتيالات السياسية التي وقعت في لبنان بعد عام 2005 أو المسؤولين عن مقتل المدنيين اللبنانيين في حرب عام 2006، فأجاب: «اختصاص المحكمة الأساسي هو النظر في الاغتيال الذي وقع في 14 شباط / فبراير 2005 والذي يمثل حدثاً رئيسياً، فاختصاصنا يقتصر على ما نص عليه النظام الأساسي، ومن الاختصاصات الأخرى للمحكمة ما يتعلق بالفترة الممتدة من الأول من تشرين الأول (أكتوبر) 2004 إلى 12 كانون الأول 2005. فإذا ما تبين أن الجرائم التي وقعت خلال تلك الفترة متلازمة وفقاً لمبادئ العدالة الجنائية وأن طبيعتها وخطورتها مماثلتان لطبيعة وخطورة اعتداء 14 شباط 2005 تكون المحكمة عندئذ مختصة للنظر فيها»، ولفت إلى أن «قاضي الإجراءات التمهيدية خلص حتى الآن إلى وجود ثلاث قضايا متلازمة». واكد باراغوانث أن «المساهمة في تحقيق سيادة القانون في لبنان هي الغاية التي من أجلها أنشئت المحكمة. وتتمثل مهمتنا الرئيسية طبعاً في معالجة القضايا المرفوعة أمامنا بإنصاف وموضوعية وعلى النحو الواجب، وبأن يشهد لنا الجميع بذلك»، الافلات من العقاب وأضاف: «عندما يقف اللبنانيون على ما يحصل من تطبيق لقوانينهم الوطنية على قضايا نشأت في بلدهم، تكون مهمتنا تحققت. وإنما ثمة مسؤولية أكبر. إن الأحداث التي شهدها لبنان ناتجة في ما يبدو من حس بالإفلات من العقاب على اثر وقوع سلسلة من الاغتيالات بقيت من دون جزاء. فالإفلات من العقاب يتعارض وسيادة القانون. ويقتضي تحقيق سيادة القانون مساءلة مرتكبي الجرائم كافة أمام المحاكم. وتوقعاتنا وأملنا بأن يعودوا إلى لبنان عاجلاً وليس آجلا في غياب أي حس بالإفلات من العقاب وأن يعترف للمحاكم اللبنانية بأنها قادرة على التصدي لتلك المسائل وأنها ستتصدى لها فعلاً. فوجودنا موقت ونتطلع إلى إنجاز عملنا على وجه السرعة». وما إذا كان يمكن للمحكمة النظر في ما يسمى مسألة شهود الزور، قال: «المسألة تشكل واحدة من المسائل التي طرحت أمام غرفة الاستئناف في سياق القرارات التي أصدرتها المحكمة في شهري أيار (مايو) وتشرين الأول من العام الماضي. ونشأت هذه المسألة في ما يبدو من الإفادات التي أدلى بها بعض الأشخاص أمام لجنة التحقيق الدولية المستقلة. وحالياً فإن لكلمة شاهد معنيين مختلفين. فيمكن أن تشير إلى ما يدلي به شخص أمام محكمة أو هيئة قضائية، ويمكن أيضاً أن تشير إلى شخص شهد أمراً ويمكنه التكلم عما شهد. غير أن الشاهد بالمعنى الأول للكلمة غير موجود نظراً إلى عدم الشروع حتى الآن في أي إجراءات قضائية. أما الحديث المتداول بحسب فهمي، فيتطرق إلى الشاهد بالمعنى الآخر للكلمة، أي الأشخاص الذين يزعم أنهم شهدوا أمراً معيناً أو علموا به وأدلوا أمام اللجنة بإفادة غير صحيحة أدت إلى توقيف أربعة ضباط واحتجازهم». وأشار إلى أن «الدور الذي اضطلعت به المحكمة في هذا الصدد، هو كما يلي: تجلت الخطوة الأولى التي أعقبت إنشاء المحكمة في آذار (مارس) 2009، في قدوم المدعي العام وقوله إن الضباط الذين احتجزوا أفراد لا نملك أدلة كافية بحقهم لإثبات التهم الموجهة اليهم. عندئذ أصدر قاضي الإجراءات التمهيدية بناء على طلب قراراً بالإفراج عن الضباط، منهياً إجراءات المحكمة في هذا الشأن». وأكد أنه «ليس للمحكمة اختصاص للنظر في هذه المسألة. فاختصاصنا يقتصر على ما نص عليه النظام الأساسي. وإذا توصلت حكومة لبنان إلى اتفاق مع الأممالمتحدة ومجلس الأمن يمنحنا الاختصاص للنظر في هذه المسألة، فإننا سنتولى هذه المهمة بالتأكيد. لذا لا يسعنا الفصل في هذه المسألة ما لم يتم ذلك الاتفاق». الاعتداءات المتلازمة وعن الأساس الذي تستند إليه المحكمة لتقرر أن الاعتداءات متلازمة مع اعتداء 14 شباط، قال باراغوانث: «يشير النظام الأساسي للمحكمة إلى أن النظر في قضايا غير اعتداء 14 شباط 2005 يستوجب أن تكون الاعتداءات المعنية متلازمة معه بما يتوافق ومبادئ العدالة الجنائية وأن تكون مماثلة له من حيث طبيعتها وخطورتها. فماذا يعني هذا الكلام؟ المقصود هو إثبات وجود علاقة أو صلة، لجهة الزمان أو المكان أو الظرف (وهي الصيغة المستخدمة عادة في المحاكم)، تجيز على نحو معقول استنتاج هذا التلازم. وقد أصدر قاضي الإجراءات التمهيدية قراراً في شأن ثلاثة اعتداءات أخرى، رأى أنها متلازمة بصورة أولية. وتعني عبارة «بصورة أولية» أن الأدلة في حال قبولها كافية حتى تقرر محكمة ما من دون أي شك معقول أن فرداً متهماً مسؤول في إطار ذلك الاعتداء. أما الاعتداءات المعنية فهي تلك التي استهدفت مروان حمادة، جورج حاوي والياس المر، في ثلاثة أيام منفصلة عن يوم 14 شباط. والتي أسفر كل اعتداء منها عن قتلى وإصابات خطيرة. وعليه أجيز للمحكمة النظر في قضايا تتعلق ب4 اعتداءات منفصلة». وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عين الكندي نورمان فارل مدعياً عاماً في المحكمة الدولية خلفاً للقاضي دانيال بلمار الذي أنهى مهماته أمس، والاوغندي دانيال نسيريكو كقاض في غرفة الاستئناف. وإذ شكر كل من بلمار وكاسيزي على عملهما في المحكمة أكد «التزام الأممالمتحدة جهود المحكمة في كشف الحقيقة في شأن الاعتداء الإرهابي الذي أودى بالرئيس رفيق الحريري و22 آخرين، والاعتداءات المرتبطة به، لجلب المسؤولين عنها إلى العدالة وتوجيه رسالة بإنهاء الحصانة».