على رغم التقدم الذي تحقق في المفاوضات النووية الماراتونية بين إيران ومجموعة الدول الست، لا تزال نتائجها دون طموحات طهران، خصوصاً أن مبلغي 4.2 بلايين دول التي أفرج عنها الغرب مقابل أكسدة إيران مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة، و2.8 بليوني دولار التي سيُسمح لإيران بالتصرف بها في الأشهر الأربعة المقبلة بعد تمديد المفاوضات إلى 24 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، أموال تعود لطهران محتجزة لدى دول اشترت نفطها مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية. من هنا يُطرح السؤال: ماذا كسبت إيران؟ صحيح أنها أوقفت عجلة العقوبات خلال الأشهر الستة الماضية، لكنها لم تحصل على ما تتطلع إليه على صعيد إزالة العقوبات الاقتصادية، وتحديداً على مصرفها المركزي، وإعادة ملفها النووي من مجلس الأمن إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما لم تستطع إقناع الغرب بصوغ اتفاق موقت يزيل قسماً من العقوبات، في مقابل الخطوات التي نفذتها. ما اتفق عليه الجانبان في ختام الجولة السادسة للمفاوضات في فيينا أول من امس هو تمديد المفاوضات. لكن هل سيستطيع المفاوضون إبرام اتفاق نهائي خلال الأشهر الأربعة المقبلة بعدما أخفقوا في ست جولات من المفاوضات الشاقة والمتعبة السابقة والتي أجبرت وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على ترك مقر عمله في طهران لمدة 17 يوماً لرعاية هذه المفاوضات في فيينا؟ يرى محللون أن استحقاقات تمديد المفاوضات ستبرز داخل إيران من خلال تكثيف المتشددين الذين أبدوا قلقهم من نتيجة المفاوضات ضغوطهم على حكومة الرئيس حسن روحاني لضبط إيقاعات الهرولة نحو الدول الغربية، وتحديداً الولاياتالمتحدة، التي يرون أنها لا تخدم المصالح الوطنية. وسيؤثر ذلك على سياسة روحاني، على رغم أنه يُناقش تفاصيل المفاوضات مع المرشد علي خامنئي . أميركياً، سيجعل التمديد معارضي الاتفاق داخل الكونغرس، ومعهم اللوبي الإسرائيلي، يتنفسون الصعداء، ويأخذون الوقت الكافي للضغط على الإدارة الأميركية من أجل عدم رفع العقوبات إذا لم تحل ملفات سياسية استراتيجية في الشرق الأوسط تشارك فيها إيران، مثل ملفات العراق وسورية وفلسطين ولبنان. ويرجح أن تراوح ملفات الأوضاع الأمنية والسياسية الإقليمية مكانها حتى 24 تشرين الثاني، ما يعني استمرار تأزمها، والإفساح في المجال أمام إسرائيل وباقي الدول الإقليمية المعادية بالوقوف أمام طموحات إيران في المنطقة . ويعتقد البعض بأن الولاياتالمتحدة لا تزال في إطار اختبار سلوك إيران، سواء على صعيد برنامجه النووي أو أسلوب تعامله مع الملفات الأمنية الإقليمية، وأن الأشهر الأربعة المقبلة ستكون مهمة للملفات الإقليمية التي تشكل اختباراً ليس لإيران فقط، بل لكل الأطراف المعنية بها.