علي رغم مرور أربعة ايام علي بدء الحملات الدعائية للانتخابات الاشتراعية في ايران، المقررة الجمعة المقبل، ما زال الشارع الايراني يعيش بعيداً من أجوائها، سوى من خلال ملصقات انتخابية وُضعت في بعض مناطق العاصمة. وأعلن رئيس اللجنة الانتخابية غلام علي حجي زاده ان 54 ألف شخص سيراقبون الاقتراع، مشيراً الى رصد انتهاكات «محدودة»، ما يشكل انخفاضاً عن الانتخابات السابقة. وتتوقّع استطلاعات للرأي، رسمية وشبه رسمية، تجاوز التصويت نسبة 60 في المئة من مجموع الناخبين الذين يتخطون 48 مليوناً في الاقتراع الذي يُعتبر الأول في البلاد، منذ انتخابات الرئاسة العام 2009، والتي أعقبتها اضطرابات. وأشارت استطلاعات الرأي الى أن النواب البارزين غلام علي حداد عادل وعلي مطهري وأحمد توكلي سينالون أعلي الأصوات في طهران، فيما لم توافق أية قائمة انتخابية على إدراج اسم بروين أحمدي نجاد، شقيقة الرئيس محمود أحمدي نجاد. لاريجاني أما رئيس مجلس الشورى (البرلمان) علي لاريجاني الذي يتزعم قائمة الأصوليين في مدينة قم، فيواجه انتقادات حادة من جماعات وزّعت مناشير، بسبب معارضته برامج الحكومة، كما اتهمته بتأييد «تيار الفتنة»، في إشارة الى المعارضة التي يتزعمها مير حسين موسوي ومهدي كروبي الموضوعَين في إقامة جبرية. في المقابل، ذكّر لاريجاني بدعوة مرشد الجمهورية الاسلامية في ايران علي خامنئي، الى «الامتناع عن تشويه الآخرين»، قائلاً: «الشعب لا ينتخب المسؤولين، بناءً على ضجيجهم السياسي». وشدد على ضرورة «المشاركة الفاعلة في الانتخابات، ليرى الأعداء صفوفنا المرصوصة»، مضيفاً: «على رغم وجود بعض الجفاء، سيأتي الشعب مجدداً لمواكبة الثورة». ولا مؤسسات مستقلة لاستطلاعات الرأي في ايران، فيُعتمد علي نتائج استطلاعات تجريها وكالات الأنباء شبه الرسمية والمؤسسات الرسمية، فيما تشير مصادر الى واقعية الاستطلاعات التي تجريها أجهزة الأمن، لكنها لا تنشر نتائجها علناً. وتلفت المصادر الى تباين في اتجاهات الناخبين، بين المدن الكبرى والصغرى والأرياف، اذ تتحكّم مقاييس القومية والعائلية والخدمية في دوافع ناخبي المدن الصغيرة، بعكس المدن الكبرى حيث يتصرّف الناخبون من دوافع سياسية وفكرية وثقافية. كما أن الناخبين في المدن الصغيرة لا يهتمون كثيراً بمصطلحات الأصولية والإصلاحية، قدر ما يتطلعون إلي شخصية المرشح وحجم الخدمات التي قدمها لمناطقهم، خلال توليه مناصب حكومية. واستناداً الي ذلك، ثمة توقعات بانتخاب 70 في المئة من المرشحين السابقين، ما يرجّح تكهنات بأن التركيبة السياسية للبرلمان الجديد، لن تختلف عما هي عليه الآن. وانسحبت من الانتخابات، قائمة «الائتلاف الكبير للأصوليين» الذي تزعمه النائب حسن غفوري فرد، بسبب انتقاد وجّهه رئيس «مجلس خبراء القيادة» محمد رضا مهدوي كني الذي أشرف علي تشكيل القائمة المركزية للتيار الأصولي، اذ اعتبر ان تشكيل هذه القائمة «سخّن الأجواء الانتخابية». أما الإصلاحيون فهم الغائب الوحيد في الانتخابات، وتحوّلوا مراقبين للأحداث، علي رغم تكهنات تشير الي احتفاظ التيار الإصلاحي بقوته في البرلمان الجديد، وتعادل نحو 30-40 مقعداً. ونفت النائب الإصلاحية السابقة أشرف بروجردي موت التيار الإصلاحي في إيران، معتبرة أن «هذا التيار يملك رؤية لتغيير السلوك في الإدارة والخطاب السياسي». وأشارت الي ان الاصلاحيين لا يريدون مواجهة النظام، بل يؤمنون به علي أساس القيم والمفاهيم المبدئية، لا علي أساس المصالح الشخصية. الى ذلك، اعتبر علي أكبر ولايتي، مستشار خامنئي للشؤون الدولية، أن «المشاركة الواسعة في الانتخابات ستؤثر في الصحوة الإسلامية في المنطقة». وقال: «علينا إبراز الاتحاد والحماسة في مساندة النظام، وإعطاء انطباع خارج إيران بأن الجمهورية الاسلامية سارت على النموذج الإسلامي».