قدّر خبراء صناعة الحديد والصلب في وزارة الصناعة والمعادن العراقية، الأموال التي تحتاجها الوزارة لإعادة إحياء الصناعة بأكثر من 14 بليون دولار، فيما تنفق الموازنة سنوياً نحو 12 تريليون دينار (10.2 بليون دولار) لتأمين رواتب أكثر من 300 ألف منتسب في أكثر من 270 معملاً حكومياً لم تتمكّن من تحقيق الاكتفاء الذاتي. وتحدث خبراء الى «الحياة» عن الموضوع، منهم المسؤول في شركة «الحديد والصلب» التابعة لوزارة الصناعة سلام راضي الذي أكد أن لجنة مثلت الشركة والوزارة ومستشارين في مجلس الوزراء أبرمت اتفاقاً قبل أيام في اسطنبول مع شركة «بريمر» الصناعية لاستثمار معامل الحديد في مقابل 700 مليون دولار ولمدة 15 سنة. وأشار إلى أن هذه المعامل تحتاج إلى مبالغ ضخمة لإعادة تأهيلها بعدما دُمرت خلال العقود الماضية، وأن الوزارة لا تستطيع تأمين هذه المبالغ ولم تجد حلاً سوى استثمار شركة الحديد، خصوصاً أن الشركة التركية وافقت على تأهيل معامل جديدة وتشغيلها مع الإبقاء على كل المنتسبين الذين يزيد عددهم على 6330 موظفاً. وخصّصت الحكومة، ضمن موازنة هذه السنة، أكثر من 831 بليون دينار لدعم شركات وزارة الصناعة والمعادن، فيما تتكبد الموازنة أكثر من 11 تريليون دينار سنوياً لتأمين مرتبات شركات القطاع الحكومي والمختلط، والتي تتوزع على وزارات عدة. تعقيدات مصرفية وأشار المفتش العام في الوزارة سالم بولص الى ان نسب تنفيذ الموازنة الاستثمارية نهاية عام 2011 بلغت أكثر من 80 في المئة، موزعة على 114 مشروعاً، مؤكداً وجود تعقيدات في الإجراءات المصرفية عند فتح الاعتماد لدى «مصرف التجارة العراقي»، ما يؤخر تنفيذ العقود، وبالتالي يوقف أعمال التأهيل والتطوير التي تسعى إليها الوزارة وشركاتها. وأكد المدير العام لشركة الحديد احمد ريحان، أن الشركة التركية تعهدت رفع الطاقة الإنتاجية لشركة الحديد إلى 450 ألف طن سنوياً، موضحاً أنها تمكنت من إبرام عقود بمبالغ ضخمة مع وزارات أخرى، منها الكهرباء، لتجهيزها بأبراج وأعمدة إنارة ولتصنيع مستودعات وسقوف حديد لمصلحة أمانة بغداد. وأشار احد اكبر مستوردي الحديد والصلب في السوق عواد القريشي إلى أن إنتاج الحديد والصلب في معامل القطاع الحكومي متوقف تماماً، ولا يوجد في السوق أي مُنتج محلي لشركات الصناعة باستثناء كميات ضئيلة جداً تُنتج في معمل حديد تابع للقطاع الخاص في منطقة زاخو الحدودية، لكن لا يسدّ إنتاجه سوى جزء بسيط من حاجة السوق. ولفت إلى أن معمل زاخو يعتمد على مواد خام من تركيا، وهناك معمل في البصرة قيد الإنشاء وآخر في محافظة واسط بكلفة 40 مليون دولار، مبيّناً أن المعامل الخاصة محدودة الإمكانات ولا تملك سيولة كافية لشراء معامل لصهر الحديد للاستفادة من الحديد المستعمل. وأكد أن السوق تعتمد على استيراد الحديد بكل أنواعه ومن مصادر عدة، مثل تركيا وأوكرانيا وإيران والصين، وتزيد أسعار الحديد الآن على 1000 دولار للطن ويرتفع الرقم وفق النوع. ورأى راضي أن الحل الوحيد لإعادة تشغيل معامل شركة الحديد هو الاستثمار، الذي يواجه عوائق أهمها عدد المنتسبين الذي يزيد على ستة آلاف منتسب، موضحاً أن الشركة حالياً في صدد التهيئة لتركيب معدّات حديثة خلال 20 شهراً ليبدأ حينها الإنتاج. وكان مدير لجنة استثمار الثروات المعدنية العراقية حميد مجيد، ومن خلال التنسيق مع الهيئة العراقية للمسح الجيولوجي التابعة لوزارة الصناعة والمعادن، دعا إلى التعاون مع جهات روسية متخصّصة في التنقيب عن المعادن وطُرق استخراجها، خصوصاً في ظل افتقار البلاد إلى خبراء مناجم. وشدّد على ضرورة وجود نظام متطوّر للإعلان عن الملفات الاستثمارية وتحديث المعلومات باستمرار من خلال أعمال المسح الجيولوجي والتحريات عن الخامات المعدنية ومواد البناء الأولية وتقدير الاحتياط ودراسات الجدوى الاقتصادية. وكان ناطق باسم الحكومة أكد ل «الحياة» عدم استغلال الثروات غير النفطية، بما فيها المعادن، مؤكداً وجود كميات هائلة من هذه الثروات في الأرض، في حين نفذت شركات عالمية عمليات تنقيب عن المعادن شملت مساحات واسعة من أراضي إقليم كردستان، وتبيّن أنها تحوي الكثير من الخامات المعدنية.