عقد الرئيس محمود عباس (أبو مازن) أمس محادثات في القاهرة مع كل من رئيس الحكومة المقالة في قطاع غزة إسماعيل هنية، ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي، ورئيس حركة «الجهاد الإسلامي» رمضان شلّح، في وقت تم تأجيل البحث في تشكيل الحكومة الفلسطينية الانتقالية التي كان مقرراَ بحثها في اللقاءات المنعقدة بين عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل. وفيما أجرى رئيس الاستخبارات المصرية اللواء مراد موافي محادثات مع مشعل، عقد عباس جلسة محادثات مع طنطاوي استعرض خلالها الجهود المتواصلة لإنهاء الانقسام الفلسطيني وتعزيز الوحدة الوطنية وسبل تذليل الصعوبات التي تعترض تطبيق اتفاق المصالحة، اضافة إلى الموقف الفلسطيني في ظل عدم التزام إسرائيل وقف الاستيطان ومتطلبات العملية السلمية. واستقبل الرئيس الفلسطيني أمس وفداً من «حماس» في غزة برئاسة هنية، وقال رئيس وفد حركة «فتح» إلى المصالحة عزام الأحمد ل «الحياة» إن هذا اللقاء جاء بطلب من «حماس». كما استقبل الرئيس الفلسطيني شلّح يرافقه نائبه زياد النخالة، وبحث معه في الجهود المبذولة لتطبيق «إعلان الدوحة» وتشكيل الحكومة الجديدة وتنفيذ اتفاق القاهرة الموقع في الرابع من أيار (مايو) من العام الماضي، وسبل تذليل بعض الصعوبات التي تعترض تطبيق الاتفاق على الأرض. كما تطرق اللقاء إلى المواضيع التي سيبحثها اجتماع لجنة تطوير منظمة التحرير التي اجتمعت مساء امس برئاسة الرئيس، ومشاركة الأمناء العامين للفصائل، وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، وذلك كخطوة في إطار إعادة تفعيل المنظمة وفقاً لاتفاق المصالحة الموقع في القاهرة. تأجيل تشكيل الحكومة في هذه الأثناء، قال الأحمد ل «الحياة» إن من المبكر الخوض في تشكيل الحكومة الانتقالية، لافتاً إلى ضرورة توفير أمرين، أولهما أن تبدأ لجنة الانتخابات عملها في قطاع غزة، وثانياً أن يتم تجاوز الخلاف الحالي بين قادة «حماس» على خلفية «إعلان الدوحة» الذي ينص على تولي عباس رئاسة الحكومة الانتقالية. ونفى أن يكون مشعل طرح خلال لقائه عباس أول من أمس «اشتراطات» تردد أن «حماس» وضعتها لتنفيذ «إعلان الدوحة»، موضحاً أن لديه علماً بهذه الاشتراطات، لكنه لن يتناولها طالما لم تطرح في شكل رسمي. الرشق: لا اشتراطات ونفى عضو المكتب السياسي ل «حماس» عزت الرشق ما تردد من أن هناك اشتراطات وضعتها الحركة من أجل تنفيذ «إعلان الدوحة»، وقال: «أكدنا في اجتماعات المكتب السياسي التي عقدت أول من أمس ضرورة التنفيذ الدقيق والأمين لكل من اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة والتأكيد على حسن ضمان تنفيذه»، موضحاً أنه خلال هذا الاجتماع تمت مناقشة كل الملفات بعمق وعقلانية وبروح المسؤولية الوطنية والتنظيمية، نافياً حدوث صخب أو حدة خلال الاجتماعات. ولفت إلى أن هذا الاجتماع شهد حضوراً رفيع المستوى وأوسع مشاركة من قيادات الحركة في الداخل والخارج. وعلى صعيد اللقاء الذي جمع بين هنية وعباس، قال إن هذا اللقاء تلطيف للأجواء بين الطرفين، مشيراً إلى أنه اللقاء الأول الذي يجمع بينهما منذ حدوث الانقسام، وهو «بمثابة رسالة للشعب الفلسطيني بأن المصالحة تسير بقوة، وأن حماس معنية فعلاً بإنجاحها». وفي غزة، أكد عضو في «حماس» لوكالة «فرانس برس» انه تم الاتفاق في الاجتماع بين عباس ومشعل على أن اختيار أعضاء الحكومة الانتقالية «لن يتم إلا بالتوافق» مع الحركة، بما في ذلك وزارتا الداخلية والخارجية، ومن دون «تغيير» للأجهزة الأمنية في الضفة وغزة. وأوضح أن «كلاً من فتح وحماس سيطرح عدداً من أسماء التكنوقراط وغير المحسوبين على أي طرف، ولكل طرف إبداء الملاحظات، ثم الاتفاق على اسم واحد لكل وزارة، خصوصاً الحساسة مثل الداخلية». وقال إن الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة «لن يحدث عليها أي تغيير حالياً، إذ ستبقى الأجهزة الأمنية في قطاع غزة خاضعة لسيطرة حماس»، مشيراً إلى أن «نائب رئيس الحكومة سيكون من غزة وسيتم اختياره بالتوافق». وقال القيادي في «حماس» احمد يوسف لوكالة «فرانس برس» إن «حماس وفتح ملتزمان التعامل مع الوزراء الذين سيتم التفاهم عليهم في حكومة عباس». وبيّن يوسف الموجود في القاهرة، أن حكومة التوافق الوطني «ستعرض في شكل اعتيادي على المجلس التشريعي، وستحظى بالقبول لأن الجميع متفق في شأنها». السودان ينفي رفض استقبال مشعل من جهة أخرى، نفى حزب المؤتمر الوطني الحاكم تقارير إعلامية أجنبية قالت إن السودان رفض استضافة مشعل ووصفها ب «المشبوهة»، وقال إنها «مفبركة من جهات إسرائيلية وأميركية». وصرح رئيس القطاع السياسي في حزب المؤتمر الوطني قطبي المهدي امس: «الخرطوم لم ترفض استقبال مشعل ... هذا كذب»، مضيفاً أن مشعل يُستقبل في أي وقت زار السودان، ومؤكداً الالتزام الكامل بالقضية الفلسطينية، وقال: «السودان مفتوح لمشعل وللإخوة الفلسطينيين». وكانت نشرة «تي تي يو» الصادرة من باريس الأسبوع الماضي ذكرت أن مشعل طلب من الحكومة السودانية السماح له بالإقامة موقتاً في الخرطوم، إلا أن السلطات اعتذرت بحجة عدم مقدرتها على توفير الحماية له. وكانت «حماس» عقدت اجتماعاً سرياً لمجلس شورتها في الخرطوم توافق مع زيارة هنية للسودان في كانون الثاني (يناير) الماضي وبرفقته مشعل بعد مغادرته مقره في دمشق. الرئاسة تدين اقتحام الأقصى في غضون ذلك، أدانت الرئاسة الفلسطينية عمليات الاقتحام المتواصلة للمسجد الأقصى المبارك. وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة أمس: «هذا تصعيد خطير واستفزازي، ويكمل سلسلة الهجمات التي يقوم بها المتطرفون على المقدسات من مساجد وكنائس، وستكون لها عواقب وخيمة لا تحمد عقباها». وحمّل الإسرائيليين مسؤولية هذا التصعيد، وطالب المجتمع الدولي بالتدخل لإجبار السلطات الإسرائيلية لوقف هذه الأعمال الاستفزازية التي تمس حرية العبادة. يذكر أن المسجد الأقصى يتعرض منذ أيام لاقتحامات متكررة من متطرفين يهود آخرها فجر امس. واعتقلت الشرطة الإسرائيلية امس أربعة فلسطينيين في المسجد الأقصى عقب اشتباكات مع زوار يهود.