من براءات اختراعات الخصوصية السعودية المعرّف للمرأة، وهو رجل يجب أن يكون من «المحارم»، مهمته إثبات هويتها في المصالح الحكومية كما في المحكمة وكاتب العدل، المرأة لا يحق لها الحصول على أي خدمة، أو حتى رفع دعوى «كدعاوى الحضانة والنفقة»، قبل أن يعرفها محرم، هذا يشكل معضلة حقيقية، إذا عرفنا أن القضايا الأسرية بلغت 60 في المئة من القضايا المنظورة في المحاكم، وفوق الرهبة التي تتملك المرأة حين مراجعتها لأروقة المحاكم هنا، التي تتطلب شجاعة كبيرة لكثافة المراجعين الرجال، فالمرأة يجب عليها أن تحضر «المعرف الرجل المحرم»، الذي قد يكون في بعض الأحيان من تريد أن تشتكي عليه. المزعج في الأمر أن المرأة نفسها مهما أحضرت من إثباتات من بطاقة الهوية الوطنية، أو جواز السفر، أو كانت غير محظوظة، فلا محرم لها في هذه الحياة، أو لا محرم لها في منطقتها، وحتى لو كانت كاشفة الوجه، لن يقبل منها إلا إحضار المعرف المحرم. لنقرأ الرأي القانوني على لسان المحامي يوسف العرفج، كما جاء في إحدى مقابلاته التلفزيونية: «المعاناة تكمن في تحفظ وصول المرأة إلى المحاكم، وكذلك الإجراءات المتبعة، فلابد أن يكون للمرأة مُعرف ومحرم، إضافة إلى بطاقة العائلة، ونُطالب بإلغاء المُعرف والمحرم، فليس كل امرأة يتوفر بها محرم، وقد يكون المحرم هو الخصم! أيضاً نظرة المجتمع للمرأة التي تصل للمحكمة، فالمجتمع ينظر لها على أنها ذهبت لمكان يُستحى منه! على رغم أنه مكان للعدالة، فالأفضل أن كل امرأة سعودية تُجبر على أن تستخرج بطاقة أحوال، ويُوضع بكل محكمة قسم نسائي لمطابقة صورة المرأة ببطاقة الأحوال، وبهذا فالمرأة ليست بحاجة إلى مُعرف وتُعطى الحرية الكاملة»، وأضاف: «هناك من المحارم من نجدهم متواطئين مع بعضهم البعض لسلب المرأة حقوقها، ففي كثير من الحالات تؤكل أموال المرأة». موضوع المعرف مقلق جداً، فهو يعيدنا للخلف، فعلى رغم وجود بطاقة إثبات الهوية الصادرة من جهة رسمية في الدولة، إلا أننا مازلنا نضع العقبات لتفعيله كي نسهل أمور المرأة كمواطنة من بقية الشعب. وعلى الجانب الآخر تتأخر وزارة العدل في تطبيق حلول بديلة للمعرف، فنحن لا نطلب حلولاً مستحيلة، كل ما نطلب هو اعتماد أقسام نسائية جديدة، توظف فيها موظفات لاستقبال المعاملات النسائية للمحاكم، لكن وزير العدل مصمم إلا أن نسبق بقية الوزارات في استخدام التقنيات الجديدة، ووعد مشكوراً باستخدام نظام البصمة الإلكترونية، إذ جاء في صحيفة «المدينة»، العدد الصادر بتاريخ 15 حزيران (يونيو) 2011 الخبر الآتي: «كشف وزير العدل عن إلغاء نظام المعرف للمرأة، واستبدل به نظام البصمة استعداداً لتعميمه على بقية المحاكم وكتابات العدل قريبًا». و«قريباً» هنا مر عليها ثمانية أشهر حتى يومنا هذا، لذلك اسمحوا لي أن أضيفه لموقع بورصة وعود المسؤولين المنتظرة، وهو موقع لرصد أي وعد لأي وزير أو مسؤول سعودي، ومن ثم وضع عداد حتى تاريخ إنجاز الوعد، وكم تمنيت لو يسمح لنا الموقع الإلكتروني بخاصية إضافة الضرر المصاحب لعدم تنفيذ الوعود، كأن تتمكن كل امرأة متضررة من شرط المعرف من تسجيل ذلك في الموقع ليكون شاهداً على وزارة العدل، وحتى تاريخ تطبيق نظام البصمة الموعود، نرجو من وزارة العدل التكرم بتوفير محرم لكل مواطنة لا محرم لها. [email protected] @manal_alsharif