لم يقتصر التعبير عن مشاعر المسلمين تجاه رمضان على النثر، بل كان للشعر مضمار واسع تسابق فيه الشعراء، وعبروا عن مشاعرهم النبيلة والسمو الروحي الذي يجدونه مع حلول رمضان. ومن ذلك ما جادت به قريحة الشاعر السعودي محمد حسن فقي حين قال وهو يخاطب الشهر الفضيل: قالوا بأنك قادم فتهللت بالبشر أوجهنا وبالخيلاءِ لِمَ لا نتيه مع الهيام ونزدهي بجلال أيام ووحي سماءِ وقال أحمد سالم باعطب: رمضان بالحسنات كفك تزخرُ والكون في لألاء حسنك مبحرُ أقبلت رُحمى فالسماء مشاعل والأرض فجرٌ من جبينك مسفرُ هتفت لمقدمك النفوس وأسرعت من حوبها بدموعها تستغفرُ وعبر محمود عارف عن مشاعره بقدوم رمضان: فيه التراويح المضيئة مسبحٌ للقلب للإيمان يعمر مرفقا ساعاته عمر الزمان مليئة بالذكر حيث العمر عاد محلقا ونظم حسين عرب أبيات عبّر فيها عن فرحته قال فيها: بشرى العوالم أنت يا رمضانُ هتفت بك الأرجاء والأكوانُ لك في السماء كواكب وضّاءة ولك النفوس المؤمنات مكانُ يا مشعلاً قبس الحقيقة بعد أن أعيت عن استقصائها الأذهانُ كما تحدث كثير من الشعراء العرب عن فضائل الشهر الفضيل، فقال أحدهم وهو يوصي المسلمين بانتهاز فرصة الصيام: أدِم الصيام مع القيام تعبداً فكلاهما عملان مقبولان قم في الدجى واتل الكتاب ولا تنم إلا كنومة حائر ولهان فلربما تأتي المنية بغتة فتساق من فرش إلى أكفان يا حبذا عينان في غسق الدجى من خشية الرحمن باكيتان وحلق خيال العلامة بن قيم الجوزية بكلماته التي تخيل فيها شعور إبليس وهو يستقبل رمضان: إِبْلِيسُ فِي هَلَعٍ مِنَ الإِيمَانِ يَشْكُو عِبَادَ الله لِلْأعْوَانِ قَالَ: انْصَحُونِي يَا أَحِبَّةُ إِنَّنِي فِعْلًا عَجَزْتُ وَخَانَنِي سُلْطَانِي رَمَضَانُ شَهْرُ شَقَائِنَا وَعَذَابِنَا وَمَذَلَّةٍ مَمْزُوجَةٍ بِهَوَانِ إِنَّ العِبَادَ بِكُلِّ وَادٍ أَخْلَصُوا صَامُوا النَّهَارَ بِأَصْدَقِ الوِجْدَانِ عَمَرُوا المَسَاجِدَ زَيَّنُوا أَعْنَاقَهَا وَأَكَادُ أُصْعَقُ عِنْدَ كُلِّ أَذَانِ وَتَوَاصَلُوا وَتَرَاحَمُوا وَتَعَاطَفُوا وَتَجَمَّلُوا بِالذِّكْرِ وَالقُرْآنِ إلى أن يقول: يَا مَعْشَرَ الشَّيطَانِ قُولُوا رَأْيَكُمْ أَرَضِيتُمُوا بِالذُّلِّ وَالإِذْعَانِ؟ هَلْ نَسْتَكِينُ فَلَا نُوَسْوِسُ أَوْ نَشِي هَلْ خِفْتُمُ مِنْ صَائِمٍ جَوعَانِ؟ وللشاعرات قول رصين عن رمضان لا يقل عما كتبه الشعراء، ومن ذلك ما قالته الشاعرة علية الجعار: وإن هل بالنور شهر الصيام يجود به الله في كل عام وصمنا له طاعة في النهار وقمنا له خشّعاً في الظلام مصادر متفرقة.