تنتظر الجهات العربية والدولية، المهتمة بتطورات الأزمة السورية، نتائج الاجتماع الذي يعقده وزراء الخارجية العرب في القاهرة اليوم. ويناقش الوزراء التقرير الذي سيقدمه الأمين العام للجامعة نبيل العربي ويتضمن اقتراحات بتطوير عمل بعثة المراقبين بحيث تشارك فيها بعثة دولية، كما سبق أن طلب العربي في اتصال مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. ويُتوقع أن يقترح العربي في تقريره تكليف مبعوث يمثل الأمين العام للجامعة والأمين العام للأمم المتحدة بمتابعة الوضع السوري. وأوضح الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني أن وزراء خارجية هذه الدول سيعقدون اجتماعاً تنسيقياً في القاهرة اليوم قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب وسيُخصص للبحث في تطورات الأوضاع في سورية «في ظل استمرار القتل المفرط»، وأضاف أن دول مجلس التعاون تُطالب المجتمع الدولي بأن يتحمل مسؤولياته لحماية المدنيين ودعم قرارات مجلس الجامعة. وعقد العربي ونائبه أحمد بن حلي اجتماعاً مساء أمس مع وفد من «المجلس الوطني» برئاسة عضو المكتب التنفيذي في المجلس بسمة قضماني وضم عضوي المكتب أحمد رمضان وعبد الباسط سيدا، ورئيس مكتب العلاقات الخارجية في الشرق الأوسط أديب الشيشكلي وعضو الأمانة العامة جبر الشوكي. وتناولت المشاورات نقاط المبادرة العربية، كما نوقشت فكرة دخول مراقبين من دول عربية وإسلامية ودول أخرى تحت إشراف عربي أممي، وقال رمضان إن النقاش سيتم على مستوى خليجي وعربي حول مسألة الاعتراف بالمجلس الوطني من ناحية، وتقديم العون للشعب السوري على المستوى الإغاثي من ناحية أخرى. وفي الوقت ذاته ينطلق غداً في نيويورك تحرك دولي في الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث ينتظر أن تقدم السعودية مشروع قرار يؤكد الدعم الكامل لقرار جامعة الدول العربية ويشدد على «محاسبة المسؤولين عن الجرائم التي قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية». وأعدت السعودية مشروع القرار باسم دول مجلس التعاون وسيناقشه وزراؤها في اجتماعهم اليوم في القاهرة بعدما أعدت مسودته على مستوى السفراء العرب في نيويورك الجمعة. وسيناقش السفراء أي تعديلات على مشروع القرار قد يتم الاتفاق عليها في القاهرة، صباح الإثنين قبل افتتاح جلسة الجمعية العامة. وأكد ديبلوماسي عربي رفيع في نيويورك ل «الحياة» أن الخطوة التالية ستحددها مقررات اجتماع القاهرة مرجحاً أن يطرح المشروع على التصويت الثلثاء أو الأربعاء. وأكدت مصادر رفيعة في الجمعية العامة أن الجلسة المرتقبة صباح غد الإثنين ستناقش تقريراً «لاذعاً» ستقدمه المفوضة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي حول انتهاكات السلطات السورية حقوق الإنسان. وفي مجلس الأمن قال ديبلوماسي غربي رفيع إن اقتراح الأمين العام للجامعة نبيل العربي تشكيل بعثة مراقبين مشتركة بين الأممالمتحدة والجامعة يحتمل تفسيرين كل منهما يحتاج آلية تطبيقية مختلفة. وأوضح أن مساهمة الأممالمتحدة بمراقبين على الأرض «تعني ضرورة أن توكل إليهم ولاية الانتشار والمراقبة في سورية بقرار من مجلس الأمن». وأضاف أن العربي ناقش هذا المقترح مع ديبلوماسيين أوروبيين وهم «شددوا على البعد السياسي لمثل هذه البعثة التي تتطلب أيضاً تأمين حماية لأفرادها على غرار بعثات مختلطة بين الأممالمتحدة ومنظمات إقليمية أخرى». وأشار المصدر إلى البعثة الدولية الأفريقية المختلطة في دارفور التي «لم يكن ممكناً نشر أفرادها قبل موافقة الحكومة السودانية أولاً، وثانياً بعد تأمين الحماية اللازمة المواكبة لها بقرار من مجلس الأمن». وشدد الديبلوماسي الغربي على «ضرورة تأمين شروط لانتشار المراقبين ومنها تقيد السلطات السورية بالتزاماتها الموقعة مع الجامعة العربية». أما التفسير الثاني فيكون من خلال تقديم الدعم «اللوجستي» لبعثة المراقبين العرب. وتحدث المصدر عن إرسال «موفد خاص أو موفدين اثنين إلى سورية بتكليف من جامعة الدول العربية والأممالمتحدة» رافضاً الدخول في أسماء المرشحين لتولي هذه المهمة. ونقلت وكالة «أنباء الأناضول» عن وزير الخارجية التركي احمد داود أوغلو خلال زيارته لواشنطن انه أعطى توجيهات لرفع طلب إلى المفوضية العليا لحقوق الإنسان في جنيف لطلب مساعدة إنسانية لضحايا العنف في سورية، وأشار إلى «مأساة إنسانية» خصوصاً في حمص والزبداني اللتين تتعرضان للقصف. في هذا الوقت استمرت الاقتحامات التي تقوم بها قوات الأمن السورية على الوتيرة نفسها المتصاعدة للأيام السابقة. وقدرت مصادر المعارضة عدد قتلى امس بخمسين على الأقل بينهم اكثر من عشرين في حمص حيث استمر القصف الذي يتعرض له حي بابا عمرو والذي يتوقع سكانه أن يقوم الجيش باقتحامه في أي وقت بعد أن تم تدمير القسم الأكبر من مبانيه. كما بقي الوضع شديد التوتر في حلب بعد الانفجارين اللذين وقعا فيها أول من امس الجمعة. وكثفت القوات السورية تعزيزاتها في أحيائها التي بدأت تشهد تظاهرات مناهضة للنظام، مما يشير إلى أن حلب باتت على خريطة المواجهات التي تشهدها المدن السورية. وذكرت مصادر المعارضة أن بلدة الزبداني تعرضت لقصف شديد تمهيداً لاقتحامها كما يبدو، ودخلت قوات الأمن حي المحطة بعدما واجهت مقاومة عنيفة من قبل المنشقين لأيام عدة لكنهم انسحبوا امس. وقالت المعارضج ليلة أمس ان القوات الحكومية دخلت الزبداني بعد اتفاق مع «الجيش الحر» ولم يتأكد النبأ من مصادر مستقلة. كما اقتحم الجيش بلدتي المسيفرة وبصر الحرير في محافظة درعا. ودارت اشتباكات عنيفة في شارع الجلاء في مدينة دوما بين الجيش ومجموعات منشقة واقتحمت قوات أمنية الجامع الكبير في دوما بعد صلاة الظهر وبدأت حملة اعتقالات. وفي دمشق أعلنت الجهات الحكومية عن اغتيال العميد الطبيب عيسى الخولي مدير مستشفى حاميش العسكري في دمشق. واتهمت «مجموعة إرهابية مسلحة» باغتياله بعد أن ترصدت له أثناء خروجه من منزله في حي ركن الدين. وهذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها ضابط كبير للاغتيال في العاصمة وفي وضح النهار ما يشير إلى قدرة جماعات المعارضة على اختراق الأمن المشدد. وفيما طلبت الحكومة السورية من تونس وليبيا اغلاق سفارتيهما في دمشق خلال 72 ساعة رداً على طرد السفيرين السوريين من هذين البلدين، اكد وكيل وزارة الداخلية العراقية عدنان الأسدي أن «جهاديين عراقيين» توجهوا من العراق إلى سورية كما أن عملية تهريب السلاح مستمرة إلى سورية.