بالكاد؛ كانت أم خالد، تجيد تهجئة اسمها قبل ثلاث سنوات، على رغم أن هذه «الستينية» التحقت بصفوف محو الأمية، ودرست فيها لسنوات. بيد أنها تستطيع اليوم التعامل مع التقنيات الحديثة، والتحدث باللغة الإنكليزية ب «طلاقة نسبية»، و مراجعة الدروس لأحفادها، بعد أن خضعت لدروس «مُكثفة» على يد بناتها الخمس». وقالت ذكريات خليل: «لم تتح الظروف لأمي لنيل قسط وافر من الدراسة، بسبب الانشغال والإنجاب». وأضافت «تخرجت والدتي من المدرسة الابتدائية، لكننا استطعنا تثقيفها تقنيّاً، حتى استطاعت استخدام الموبايل بطريقة احترافية، وكذلك الحاسب الآلي، بعد أن استطاعت الإلمام بجزء كبير من المعلومات». واستفادت شقيقتها منال (الابنة الصغرى)، من تخصصها الجامعي، فهي حاصلة على شهادة البكالوريوس في اللغة الإنكليزية، لتعليم أمها أساسيات اللغة، «لكنني وجدتها فيما بعد؛ تطمح للالتحاق بمعاهد تعليم اللغات، وها هي اليوم تقوم بتدريس أولادي الصغار». أما الأم فقالت ل «الحياة»: «بعد أن نِلتُ جزءاً من التعليم على يد بناتي، أصبحت أشتاق لمعرفة كل ما هو جديد مثلهن، بعد أن كنتُ جاهلة بكل شيء من حولي، ولكنني أحاول اليوم مجاراتهن فيما يعرفن، واكتشفت أن ذلك سهل للغاية، متى ما توافرت الإرادة، بعد أن كنت أظنه أمراً مستحيلاً». وأضافت «أستطيع الآن استخدام الحاسب الآلي، والحديث مع أحد أبنائي الذي يدرس في الخارج ب»الواتس آب»، كما تمكنت من قراءة القرآن الكريم والأدعية المأثورة بشكل أسهل». وطالبت الأم ب «تزويد الأمهات الكبيرات في السن، بالعلم الأكثر إمتاعاً». وأضافت أن «مدارس محو الأمية فتحت الطريق للكثير من الأميات للتعلم، وقراءة القرآن الكريم، لكن هناك بعض المواد التي يجب أن تُدخل في المناهج، كنوع من الإلزام، لكسب المزيد من المعرفة والعلم. لأن مواكبة المجتمع ومستجدات الحياة من شأنها أن تجعلنا أكثر تفاعلاً ونشاطاً». وتدعو بنات أم خالد الخمس، وزارة التربية والتعليم، إلى «فتح مجال أوسع للأمهات اللواتي يدرسن في مدارس محو الأمية». وأشرن إلى أهمية «إدخال الحاسب الآلي، لتثقيفهن حول تكنولوجيا العصر، وتعليمهن مبادئ اللغة الإنكليزية، لإثراء جانب المعرفة والمعلوماتية لديهن، ليواكبن متطلبات العصر الحديث»، رافضات حال مراكز محو الأمية إذ «لا تتجاوز الدراسة فيها فك الحروف، ودروس مبسطة في القراءة والكتابة فقط». وتشير الإحصاءات إلى أن جهود المملكة في محو الأمية، قلّصت من عدد الأميين بين المواطنين، إلى سبعة في المئة بين الذكور، و19.8 في المئة بين الإناث، وبنسبة إجمالية تبلغ 13.4 في المئة، لتصبح المملكة «نموذجاً يُحتذى» به في هذا المجال. وحازت السعودية على خمس جوائز دولية في مجال محو الأمية، تقديراً لهذه النجاحات، ودفعاً لبقية الدول من أجل تكثيف الجهود وتسريع العمل في ميدان محو الأمية. وقالت عفاف الخير الله، وهي معلمة سابقة في مدارس محو الأمية: «وجدتُ من خلال تجربتي في تعليم الكبيرات في السن، أنهن يتمتعن بصفاء ذهني وشوقاً للمعرفة والعلم، يفوق الطلاب العاديين»، مضيفة أن «بعضهن يبقى في المرحلة الابتدائية لضيق الوقت، والانشغال في تربية الأبناء». وتعتقد عفاف، أن بعضهن «استطعن التفوق على معلماتهن، ومواصلة الدراسة حتى المرحلة الجامعية، ونيل البكالوريوس، فيما تحمل المعلمة شهادة الثانوية فقط، أو دبلوم معهد المعلمات»، منتقدة المناهج التي تُدرس في مراكز محو الأمية، التي اعتبرتها «أقل بكثير من قدرتهن العقلية». وأيدت «إدخال اللغة الإنكليزية والحاسب الآلي إلى هذه المراكز، أسوة في طالبات المدارس العادية، لزيادة عنصر المعلوماتية والتشويق لهن». كما طالبت وزارة التربية والتعليم ب «الاهتمام بالمباني، وزياد الثقة في قدرات الأمهات من جهة، والمعلمات من جهة أخرى».