قال الرئيس بشار الاسد ان محادثاته مع نظيره الاذري إلهام علييف أسست ل «قاعدة صلبة ومتينة» من علاقات طويلة المدى بين سورية واذربيجان، و «فتحت الابواب على مصراعيها» لتعزيز العلاقات الثنائية في المجالات كافة استناداً الى «العلاقات التاريخية» القائمة بين البلدين. من جهته، قال علييف ان لقاءه الاول مع الاسد اسس ل «علاقة شخصية» بينهما، ما سينعكس في شكل ايجابي على التعاون الثنائي على اساس المصالح المشتركة باعتبار ان «العلاقات الشخصية لها دور كبير في تاريخ الشعوب». وكان الاسد وعلييف يتحدثان في اختتام جلسة المحادثات التي اجريت في اليوم الاول للزيارة الرسمية التي يقوم بها الرئيس السوري لاذربيجان منذ استقلالها عام 1991. وأسفرت المحادثات عن توقيع 19 اتفاقاً ومذكرة تفاهم للتعاون في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتجارية. وبعد مراسم الاستقبال الرسمية في القصر الرئاسي للأسد وعقيلته السيدة اسماء، عقدت جلسة من المحادثات شارك فيها نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري ووزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والاعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان، ثم جرى توقيع ابرز الاتفاقات ومذكرات التفاهم في حضور الاسد وعلييف. وقال الاسد في بيان صحافي ان العلاقات بين دمشق وباكو «تاريخية» باعتبار ان البلدين يقعان على الممر التاريخي ل «طريق الحرير» بفضل الموقع الاستراتيجي لكلا البلدين، الامر الذي جعل من سورية واذربيجان «محل اطماع عبر الماضي»، لافتاً الى ان «الدليل الحي» على تاريخية العلاقات هو وجود ضريح الشاعر الاذري عماد الدين النسيبي في مدينة حلب حيث دفن قبل قرون بعدما جلب معه الى سورية علمه وفلسفته. وبعدما اشار الاسد الى ان الظروف لم تسمح بتطوير العلاقات التاريخية بين البلدين في السنوات السابقة، والى ان بعض الاتفاقات التي وقعت بعد نيل اذربيجان الاستقلال بداية التسعينات لم تجر لها متابعة، قال الرئيس السوري ان زيارته الاولى لباكو «تأتي من اجل وضع قاعدة صلبة ومتينة لعلاقات بعيدة المدى في كل المجالات»، وان هذه الزيارة «تأتي كي تفتح الابواب على مصراعيها بين البلدين»، سواء في العلاقات بين الدولين او القطاع الخاص في الدولتين وبقية شرائح المجتمع. ومن المقرر ان يفتتح الاسد وعلييف اليوم منتدى اقتصادياً مشتركاً غير مسبوق يشارك فيه نحو 60 رجل اعمال سورياً، وهي المرة الاولى التي يشارك فيها الرئيس الاذري في افتتاح ملتقى اقتصادي، في اشارة منه الى ان «القرار السياسي» موجود بتطوير العلاقات مع دمشق. وفي هذا المجال، أوضحت الدكتورة شعبان ل «الحياة» بعد انتهاء جلسة المحادثات ان زيارتي الاسد لاذربيجان وارمينيا «مهمتان بالمعنى الاستراتيجي والاقتصادي والسياسي» باعتبار ان العلاقات مع هاتين الدولتين تحمل «امكانات كبيرة بسبب الروابط التاريخية وما يجمع سورية مع هذين البلدين من روابط وجذور عميقة». وزادت ان هاتين الزيارتين تقعان ضمن الرؤية التي عبر عنها الاسد، في ما يخص ثبات العلاقة مع تركيا واستمرار تعزيزها مع ايران ومحاولة تطوير العلاقات مع العراق، مشيرة الى ان الاسد يسعى الى «فضاء اقتصادي وسياسي وتاريخي للعلاقات بين الدول عبر وضع اسس تبني على الروابط التاريخية والاجتماعية» اسوة بما يشهده العالم من تعزيز للعلاقات بين الاقاليم المختلفة ومع الدول المجاورة. وكان علييف قال ان بلاده «تعطي اهمية خاصة جداً» لعلاقاتها مع دمشق، لذلك فتحت سفارة لها في سورية قبل سنة، وتتعاون معها في المنظمات الدولية، خصوصاً منظمة المؤتمر الاسلامي، باعتبار ان باكو «تعطي اهمية للتضامن الاسلامي». وفي هذا المجال، علم ان اذربيجان تريد دوراً سورياً في تسهيل استضافة باكو لقمة منظمة المؤتمر الاسلامي العام المقبل على اساس ان سورية تترأس حالياً المجلس الوزاري ل «المؤتمر الاسلامي». وأوضح علييف ان اذربيجان تريد تعزيز العلاقات مع سورية ل «ما فيه خدمة الاستقرار» في الشرق الاوسط والقوقاز، وان المرحلة المقبلة ستشهد «خطوات كبيرة» في هذا المجال، وان هناك رغبة في تعزيز العلاقات الاقتصادية لتتجاوز التعاون السياسي، معولاً في شكل كبير على «العلاقة الشخصية» التي اقيمت مع الاسد وكون «العلاقات الشخصية لها دور كبير في تاريخ الشعوب». وبين ابرز الاتفاقات الموقعة، واحد لتعزيز التعاون في مجال الطاقة والنقل. وقال سفير اذربيجان في دمشق ماهر محمد اوغلو علييف ل «الحياة» ان رؤية الرئيس الاسد لاقامة روابط استراتيجية في مجالات النفط والغاز والنقل والطاقة بين البحر المتوسط والخليج العربي وبحر قزوين والبحر الاسود «صحيحة»، لافتاً الى امكان قيام تعاون في مجالات النفط والغاز وسكك الحديد، إذ تكون تركيا «جسر الربط» بين اذربيجان وسورية، وان تكون الشركات التركية «وسطية» بين البلدين. واذ اشار الى ان العام المقبل سيشهد ربط سكك الحديد التركية والاذرية، «ما يفتح الباب» لربطها مع سورية، تحدث عن امكان الانضمام الى خطي الغاز والنفط. وأشار الى انه في عام 2006، بدأ تشغيل انبوب نفط من هذه الآبار في باكو الى تبليسي (العاصمة الجورجية) الى ميناء جيهان التركي، بطاقة تصل الى 50 بليون طن من النفط الخام سنوياً، كما جرى مد انبوب آخر للغاز مواز له بطاقة تصل الى 296 بليون متر مكعب سنوياً ليصل الى السوق الاوروبية. وأضاف ان هناك مفاوضات لمد انبوب «نابكو» من الصين الى تركمانستان والقوقاز مروراً بتركيا الى اوروبا والشرق الاوسط.