دمشق، بيروت، نيقوسيا - «الحياة» - أ ف ب، رويترز - وسط وضع إنساني تدهور من سيئ إلى أسوأ في مدن سورية عدة بينها حمص وريفها ودمشق وإدلب، قال نشطاء وسكان إن آلاف المدنيين باتوا «محاصرين» في أحيائهم ومنازلهم بفعل القصف المدفعي المستمر من القوات الحكومية على أحياء المدينة، موضحين ان السكان لا يستطيعون المغادرة بسبب عنف القصف وانتشار القناصة. وازداد الوضع تدهورا مع دخول عشرات المدرعات أحياء حمص تمهيدا ل»أطباق» الجيش سيطرته على أحيائها في ضوء «قرار بالحسم» اتخذته السلطات السورية لإنهاء كل أشكال الاحتجاجات في حمص وغيرها من المدن. وقالت الهيئة العامة للثورة السورية أمس إن عدد القتلى ارتفع إلى اكثر من 70 شخصا، معظمهم جراء قصف الجيش لأحياء حمص، بينما توفي 18 من الأطفال الخدج بعد قطع السلطات الكهرباء عن بعض مستشفيات المدينة. وبحسب الهيئة، فإن بين القتلى 50 سقطوا في حمص وحدها، بينهم 21 طفلا وخمس نساء، وأربعة قتلى في حماة وريف دمشق وقتيلان في إدلب وقتيل واحد في كل من درعا ودير الزور. وذكر ناشطون ان 20 شخصا، هم أفراد ثلاث عائلات من آل التركاوي وآل مهيني وآل الزامل، قتلوا طعنا بالسكاكين من قبل من يوصفون بالشبيحة في حي السبيل. وقال نشطاء وسكان إن المدنيين في مدينة حمص «يستعدون للأسوأ» مع توغل قوات مدرعة داخل المدينة، ومواصلتها إطلاق قذائف صاروخية وقذائف هاون واستخدام الطائرات في الهجمات. ويتخوف السكان من عملية عسكرية برية واسعة النطاق للسيطرة مجدداً على الأحياء التي فقدت قوات الحكومة السيطرة عليها في حمص. وأوضح الناشط عمر شاكر من حي بابا عمرو أن «البنية التحتية لبابا عمرو أصبحت مدمرة بالكامل إذ جرى استهداف خزانات المياه وأعمدة الكهرباء... كما تضرر 40 في المئة من منازل الحي نتيجة القصف فيما دمرت بعض الأماكن كلياً». وقال شاكر إن «الوضع الإنساني والطبي سيء للغاية... من الواضح أن الهدف من الهجوم تمهيد الطريق لهجوم بري على معاقل المحتجين في المدينة». من ناحيته، قال الناطق باسم الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبد الله: «هناك أحياء لا نتمكن من الدخول إليها بسبب النيران»، فيما «وسائل الاتصالات مقطوعة عنها». وأضاف «القصف ما زال مستمراً... ونسمع أصواتاً مرعبة في كل أرجاء حمص». كما ذكر أن النزوح من حي إلى آخر غير ممكن بسبب نيران القناصة و»عدم وجود مناطق آمنة خارج الأحياء المستهدفة»، متخوفاً من «حدوث مجازر جديدة». وتتوالى نداءات الاستغاثة من سكان حمص عبر القنوات الفضائية ووسائل الإعلام، لإدخال مواد طبية وأطباء إلى المدينة. وأكد الطبيب علي الحزوري (27 عاما) وجود 500 جريح بعضهم في حالة حرجة في بابا عمرو، نصفهم من النساء والأطفال. وكان الحزوري يشرف على مستشفى ميداني أغلق بعد تعرضه للقصف. أما في ريف دمشق فقد «قتل ضابط وثلاثة جنود اثر تفجير دبابة من مجموعة منشقة، وأسر ضابط آخر» في قرية كفيريابوس قرب الزبداني. كما قتل ثلاثة أشخاص وأصيب العشرات بجروح في قصف على مدينة الزبداني وسهل مضايا في ريف دمشق. وقال عامر فقيه وهو نشط في ضاحية حرستا بدمشق: «نحن تحت الاحتلال. الجيش ينهب المتاجر والمنازل ويسرق حتى الحشايا. قطعوا الكهرباء والهواتف لعشرة أيام الآن... تندر المياه والوقود. من يجرؤ على الخروج للشارع بعد السادسة مساء يتعرض لخطر إطلاق النار عليه على الفور». وفي درعا قتل شخص وإصيب 11 مواطناً بجروح في قرية تسيل (ريف درعا) التي تتعرض لإطلاق نار من رشاشات ثقيلة تترافق مع حملة اعتقالات، وذلك بعد انشقاق 18 جندياً من الجيش النظامي وضابط برتبة ملازم أول، بعتادهم الكامل. ومع استمرار تدهور الاوضاع الانسانية في سورية وتواصل الحملة ضد الناشطين والمحتجين، حذرت منظمة «أطباء بلا حدود» أمس من ان النظام السوري يمارس «قمعاً من دون رحمة» ضد الجرحى الذين يصابون خلال تظاهرات الاحتجاج والعاملين في المجال الطبي الذين يحاولون إسعافهم، مستندة الى شهادات جرحى وأطباء. فيما قالت المفوضة العليا لحقوق الانسان في الاممالمتحدة نافي بيلاي ان «كل الامور تشير الى تورط الجيش السوري وقوات الامن في غالبية الجرائم المرتكبة»، معتبرة انها «تشكل جرائم ضد الانسانية».