باريس، جنيف - «الحياة»، أ ف ب - مع استمرار تدهور الاوضاع الانسانية في سورية وتواصل الحملة ضد الناشطين والمحتجين، حذرت منظمة «أطباء بلا حدود» أمس من ان النظام السوري يمارس «قمعاً من دون رحمة» ضد الجرحى الذين يصابون خلال تظاهرات الاحتجاج والعاملين في المجال الطبي الذين يحاولون إسعافهم، مستندة الى شهادات جرحى وأطباء. يأتي ذلك فيما قالت المفوضة العليا لحقوق الانسان في الاممالمتحدة نافي بيلاي ان «كل الامور تشير الى تورط الجيش السوري وقوات الامن في غالبية الجرائم المرتكبة»، معتبرة انها «تشكل جرائم ضد الانسانية». وطالبت بيلاي ب «تدابير فاعلة» لحماية المدنيين في سورية، معتبرة ان فشل مجلس الامن في الاتفاق على قرار شجع «الحكومة على المضي اكثر في قتل شعبها». وأعربت بيلاي في بيان عن «صدمتها للهجوم المخطط له الذي تشنّه الحكومة السورية على حمص واستخدام المدفعية وغيرها من الاسلحة الثقيلة في ما يبدو من قبيل الهجمات العشوائية على المناطق المدنية في المدينة». وقالت ان «فشل مجلس الامن في التوصل الى اتفاق على تحرك مشترك قوي شجع على ما يبدو الحكومة على المضي في قتل شعبها لسحق الاحتجاجات». وذكرت نافي بيلاي أن قادة العالم اتفقوا عام 2005 على انه «عندما تفشل دولة ما في شكل واضح في حماية شعبها من جرائم خطيرة، فإن الاسرة الدولية بأسرها مسؤولة عن التدخل من خلال اتخاذ اجراءات حماية في الوقت المناسب وفي شكل حاسم». وقالت: «في الاشهر ال 11 الاخيرة منذ بدء القمع الوحشي لتظاهرات سلمية في معظمها من جانب النظام السوري، آلاف المتظاهرين من المدنيين قتلوا وجرحوا وسجنوا وتعرّضوا للتعذيب وللاختفاء القسري». في موازاة ذلك، قالت ماري بيار الييه رئيسة منظمة «أطباء بلا حدود» غير الحكومية في بيان أمس: «في سورية يلاحق الجرحى والأطباء وقد يتعرضون لخطر اعتقالهم وتعذيبهم على أيدي الاجهزة الامنية. بات الطب يستخدم سلاحاً للاضطهاد». ومنظمة «أطباء بلا حدود» لها طواقم طبية في سورية، لكنها تقول انها «عاجزة عن التدخل مباشرة في سورية» لعدم حصولها على تراخيص. وقالت المنظمة استناداً الى شهادات جمعتها خارج البلاد إن «معظم الجرحى لا ينقلون الى المستشفيات العامة خشية اعتقالهم او تعذيبهم» و «يعالج الأطباء الجرحى في شقة او مزرعة». وقال طبيب طلب عدم كشف اسمه إن «الاجهزة الامنية تهاجم المستشفيات الميدانية وتدمرها». وأضاف: «يدخلون المنازل بحثاً عن ادوية او اي معدّات طبية». وأضافت المنظمة التي تسعى منذ اشهر الى الحصول على تراخيص رسمية للعمل في سورية إن «عدداً محدوداً من الجرحى يتمكنون من اللجوء الى الدول المجاورة حيث يتلقون العلاج في الشكل الصحيح». وتؤكد المنظمة ان «الأطباء لم يعودوا يتجرأون على طلب الدم من بنك الدم المركزي الموضوع تحت وصاية وزارة الدفاع التي اصبحت توزع حصرياً أكياس الدم». وأضافت الييه: «من الضروري ان تحيّد السلطات السورية المستشفيات والعيادات. المستشفيات ينبغي ان تكون أماكن محمية يعالج فيها الجرحى من دون تمييز ولا يتعرضون فيها لأي سوء معاملة او تعذيب، وحيث لا يعرّض العاملون في المؤسسات الطبية حياتهم للخطر لاختيارهم احترام مبادئ مهنتهم».