شهدت العاصمة الليبية طرابلس هدوءاً حذراً أمس، غداة اشتباكات بين الثوار الذين يخوضون عملية «فجر ليبيا» لدحر خصومهم المنضوين تحت لواء «عملية الكرامة» بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر. (للمزيد) وفي وقت أسفرت الاشتباكات في طرابلس عن محاصرة مقار للوائي «القعقاع» و «الصواعق» التابعين ل «الجيش الوطني» بقيادة حفتر، اتجهت الأنظار إلى الوضع في مطار طرابلس الذي تمركز الثوار في محيط صالته الرئيسية حيث تحصن مقاتلون من منطقة الزنتان (غرب) موالون لحفتر. وتوقفت الرحلات الجوية في مطاري طرابلس وبنغازي نتيجة تدهور الوضع الأمني، فيما توقف مطار مصراتة بسبب إغلاق مسلحي الزنتان «مركز السيطرة والتحكم» في مطار العاصمة، وبذلك باتت ليبيا معزولة جواً وتقطعت السبل بآلاف المسافرين الليبيين في الخارج. وضاعف التوتر في طرابلس امس، اغتيال اثنين من الثوار هما عبد المنعم الصيد العضو المؤسس ل «جهاز مكافحة الجريمة» وأحد ثوار مدينة غريان، ومعه عبدالغني دريبيكة اللذين عثر على جثتيهما في طريق المطار. واتهم الثوار لوائي «القعقاع» و «الصواعق» باستدراج الصيد ورفيقه وتصفيتهما فيما كانا يقودان وساطة لمحاولة وقف الاشتباكات. في الوقت ذاته، تواصلت الاشتباكات في بنغازي (شرق) بين قوات حفتر وخصومه الإسلاميين. وأسفرت الاشتباكات التي تركزت في محيط مستشفى الجلاء ومناطق قريبة،عن سقوط قتلى وجرحى. واستخدمت قوات حفتر المدفعية والصواريخ، فيما حلقت طائرات حربية تابعة لها في أجواء المدينة وقصفت أهدافاً باعتبارها أماكن تواجد المسلحين الإسلاميين. وبدأت بعثة الأممالمتحدة بإجلاء موظفيها من الأراضي الليبية عبر الحدود البرية وأخلت مقارها في طرابلس بعد اشتداد المعارك في العاصمة. ويأتي ذلك بعد تحذير البعثة من تدهور الوضع الأمني في ليبيا حيث «لم تعد تتمتع بالقدرة على الحركة». في تونس، دعا المشاركون في اجتماع وزراء خارجية «دول جوار ليبيا» في ختام أعماله في منطقة الحمامات أمس، إلى وقف العمليات العسكرية في ليبيا. وقال وزير الخارجية التونسي المنجي الحامدي، في مؤتمر صحافي أمس، إن «وزراء خارجية دول الحوار الليبي يتمسكون بالدعوة إلى وقف كامل للعمليات العسكرية في ليبيا»، مستبعداً في الوقت ذاته أن تكون التطورات العسكرية الأخيرة خاصة في مطار طرابلس، أتت كرد فعل على هذا الاجتماع. وكان وزراء خارجية «دول جوار ليبيا» تدارسوا في الاجتماع سبل وقف العنف في هذا البلد، وإرساء مصالحة وطنية ليبية وإقامة مؤسسات الحكم الدستورية. وتوصل المجتمعون إلى اتفاق لتشكيل لجنة أمنية تترأسها الجزائر ل «مقاومة الإرهاب وانتشار الأسلحة ووضع منظومة مشتركة لحماية الحدود بين ليبيا والدول المجاورة لها». كما اتفقوا على تشكيل لجنة سياسية تترأسها مصر وتهتم بالتواصل بين مختلف الفرقاء السياسيين في ليبيا ومراقبة تطور العملية السياسية والانتقال الديموقراطي والحوار الوطني في ليبيا. وتعمل اللجنتان بشكل منفصل تحت رئاسة تونس. ولفت الحامدي إلى أن بلاده «معنية بصورة كبيرة بما يحدث في ليبيا أمنياً واقتصادياً واجتماعياً». وكان الرئيس التونسي المنصف المرزوقي عبّر خلال افتتاحه المؤتمر، عن «دعمه للمؤسسات الشرعية في ليبيا»، داعياً إلى إنشاء قوات مشتركة بين ليبيا وجيرانها لتأمين الحدود، مؤكداً أن هذا الحل يحظى بموافقة ليبيا وسيتم العمل على تنفيذه.