غداة المواجهات العنيفة التي اندلعت في بنغازي أول من أمس، إثر محاولة العقيد المتقاعد خليفة حفتر السيطرة على المدينة بحجة «تطهيرها من المجموعات الإرهابية»، ساد هدوء حذر شوارعها أمس، فيما قالت مصادر محلية ل»الحياة» أن جهود وساطة تُبذل لضمان عدم تجدد الاشتباكات. لكن حفتر أكد في تصريح تلفزيوني أمس، تصميمه على مواصلة القتال ضد المجموعات «الإرهابية» في المدينة، وقال إن «العملية ستستمر حتى تطهير بنغازي من الإرهابيين». وبعد استخدام قوات حفتر التي تطلق على نفسها «الجيش الوطني»، سلاح الجو في معارك أول من أمس، أعلن الجيش الليبي حظر الطيران فوق مدينة بنغازي وضواحيها، مهدداً بإسقاط أي طائرة تحلّق فوق المنطقة. وتوّعدت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي في بيان ب»استهداف أي طائرة عسكرية فوق المدينة وضواحيها من قبل وحدات الجيش الليبي والوحدات التابعة للغرفة الأمنية المشتركة وتشكيلات الثوار التابعة لها». إلى ذلك، أكدت مصادر مأذون لها ل»الحياة» أن مسلحي حفتر، الذي لا يُعرف مكان وجوده، تراجعوا تحت ضغط المتشددين الإسلاميين التابعين لكتيبة «راف الله السحاتي» في منطقة سيدي فرج قرب مطار بنينة، الى معسكرهم في الرجمة (جنوب شرقي بنغازي). في السياق ذاته، قال القائد الميداني في «كتيبة راف الله السحاتي» إسماعيل الصلابي في اتصال مع «الحياة»: «كل الأمور تحت السيطرة، لأن الثوار الذين دحروا كتائب القذافي ودافعوا عن بنغازي هم مَن دافعوا الجمعة عن مدينتهم». وذكر أن «ثوار درنة يقفون بالمرصاد لأي تحرك قد ينطلق من طبرق» (منطقة الانفصاليين). وزاد: «الخسائر في صفوفنا لم تتجاوز قتيلين وجريحاً بينما تجاوزت في صفوف مهاجمينا 124 بين قتيل وجريح». وصرح الصلابي بأن «معسكر كتيبة راف الله السحاتي في بنغازي تعرض لقصف جوي بعد ظهر أمس»، مشيراً إلى أن العناصر الموالين لحفتر انسحبوا إلى مواقع بعيدة بعد صد محاولتهم الدخول إلى منطقة «الهواري»، جنوب غربي بنغازي. وتزامنت تصريحات الصلابي مع إعلان أحد معاوني حفتر، العقيد محمد الحجازي العزم على محاربة المجموعات المسلحة، لكنه لم يحدد الأماكن التي فر إليها أنصار حفتر. إلى ذلك، ذكر مسؤول في وزارة الصحة الليبية، إن عدد قتلى اشتباكات بنغازي ارتفع إلى 43، كما سقط حوالى 100 جريح. وأثارت المواجهات في بنغازي قلق دول الجوار، فبعد إغلاق الجزائر سفارتها وقنصليتها العامة في طرابلس موقتاً، أعلن وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو إثر اجتماع لمجلس الأمن الوطني، إن «المجلس اتخذ إجراءات تحسباً لأي طارئ قد يحدث في ليبيا بعد تدهور الأوضاع الأمنية هناك». وكان الرئيس التونسي منصف المرزوقي دعا إلى اجتماع طارئ للمجلس شارك فيه رئيس الوزراء مهدي جمعة ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، إضافةً إلى وزراء الداخلية والدفاع والخارجية والعدل وقيادات أمنية وعسكرية. ودرس الاجتماع حماية الجالية التونسية في ليبيا، إضافةً إلى أوضاع الليبيين المقيمين في تونس والذين يُقدر عددهم بمليون و900 ألف شخص. أما في الجزائر، فرجحت مصادر مأذون لها إعلان الحدود الجزائرية -الليبية منطقة عسكرية، تحسباً لتهديدات محتملة. وأضافت أن قوات جزائرية -تونسية تنفذ طلعات جوية مشتركة على طول مثلث الحدود الذي يجمع البلدين مع ليبيا. على صعيد آخر، أفادت التقارير الأولية الواردة من المفوضية العليا للانتخابات في العاصمة الليبية طرابلس، أن عدد المشاركين في انتخابات المجالس المحلية لم يتجاوز الثلاثين ألفاً من أصل مليون شخص مسجلين.