يجتمع عدد من العائلات الحجازية على لوح «الكيرم» الخشبي بعد صلاة التراويح في المنزل، إذ ولا يزال لدى بعض الشباب متنفس لأوقات الفراغ، وفرصة للاجتماع والتسلية إلى جانب بعض الألعاب الشعبية الأخرى التي تنتشر بين الأطفال والشباب في هذا الشهر. ويلتف في رمضان حول المربع الخشبي كبير العائلة محمد الصوري وأبناؤه ممن يرغب في منافسته، ويعتبر الصوري أن «الكيرم» ليس مجرد لعبة للتسلية فقط، بل اجتماع لتأكيد المحبة والتعاون والألفة، ورياضة لطيفة لتجاوز الخلافات، لتجد أنه سرعان ما يتساوى خلاف الأخوين والصديقين على هذا المربع الصغير قبل إنهاء اللعبة، وفيه معنى كبير لتنمية العلاقات الإنسانية وتشجيع روح التواصل بين الأهل والأصدقاء. ويرى خالد الابن الأكبر أن هذه الألعاب الشعبية تساعد في التفكير وتقوية الذاكرة ومواجهة المشكلات، وتعمل على تدريب الأشخاص على تصريف الانفعالات والطاقات المكبوتة، واحتكاك الأطفال بالراشدين والأخذ من أطباعهم النبيلة ومعرفة طبيعتهم والقرب منهم أكثر. ويتكون هذا اللوح الخشبي على شكل مربع ذي مقاسات مختلفة بحسب الفئات العمرية، ومجموعة من «الحبوب» التي هي أساس اللعبة، وتكون بألوان مختلفة يمثل فيها اللون الأسود فئة خمسة واللون الأصفر فئة عشرة واللون الأحمر فئة ال50، إضافة إلى المضرب وهو الأكبر حجماً من الحبوب الأخرى. وتعتمد شروط اللعبة التي يمكن أن تقام بشخصين أو أربعة على إدخال «حبوب الكيرم» في الفتحات الواقعة في زوايا اللوح الخشبي، ويكون عدد الحبوب في الغالب لكل لعبة من 7 إلى 9، مع وجود ال50 تجمع في وسط اللوح الخشبي، ويبدأ أحد المتنافسين اللعبة باستخدام المضرب أو كما يتعارف عليه باسم «المضراب». وتقاس مهارات اللاعب بحسب ما يذكر محمد أحد أقوى منافسي أسرة الصوري في تصويبه للأهداف، وغالباً ما يتم التركيز على اللون الأحمر ذاته، فهو يسهل على اللاعب حصد مجموع وافر من النقاط بأقل مجهود، ويشترط للحصول عليها إدخالها وإدخال أخرى بعدها، وهو ما يعرف ب«الغطاء» أياً كان اللون، وإلا فإنه سيعيدها مرة أخرى لميدان اللعب. وعلى رغم وجود هذه الألعاب طوال العام، إلا أن الإقبال عليها يتزايد مع إقبال رمضان المبارك، إذ تنظم الفعاليات والمنافسات في حواري جدة الشعبية وخصوصاً في المنطقة التاريخية، ليجتمع عشاق الكيرم في تنافس يعيد ذكريات الماضي للكبار، ويصنع لحظات الغد الجميلة للصغار حول ذلك المربع الخشبي.