ثلاثة كتب جديدة للناقد العراقي عبدالله إبراهيم المتخصص في الدراسات السردية، صدرت معاً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر وهي بمجملها تتويج لمسيرته النقدية التي عرفت بصدور «موسوعة السرد العربي». وأول هذه الكتب هو «السرد النسوي: الثقافة الأبويّة، والهُويّة الأنثويّة، والجسد» الذي يعالج فيه ظاهرة السرد النسوي في الأدب العربي الحديث، وفي رأيه أنّ هوية «السرد النسوي» انبثقت من حضور أحد المكوّنات الثلاثة أو اندماجها معًا فيه، وهي: نقد الثقافة الأبويّة الذكوريّة، واقتراح رؤية أنثويّة للعالم، ثمّ الاحتفاء بالجسد الأنثويّ. أما الكتاب الثاني «السرد، والاعتراف، والهوية» فيثير موضوعاً إشكالياً حول سرديات الاعتراف، وموقع الأقليات في السرد العربي الحديث. في هذا الكتاب يؤكد الناقد العراقي أن أدب الاعتراف يقترن بالهُويّة، فلا يمكن انتزاع الكاتب من الحاضنة الاجتماعيّة والثقافيّة التي يشتبك بها؛ فأدبه يقوم بمهمّة تمثيلها، وبيان موقعه فيها، فلا يطرح موضوع الهُويّة في السرد، والاعتراف بها، إلاّ على خلفيّة مركّبة من الأسئلة الشخصيّة والجماعيّة، وتبادل المواقع في ما بينهما. فالكاتب منبثق من سياق ثقافيّ، وتجد الإشكاليّات المثارة في مجتمعه درجة من الحضور في مدوّنته السرديّة. لكنّ أدب الاعتراف محطّ شبهة وموضوع ارتياب؛ لأنّ الجمهور لم يتمرّس في قبول الحقائق، فيرى في جرأة الكاتب على كشف المستور سلوكًا غير مقبول، وإفراطًا في فضح المجهول، فالاعتراف محاط بكثير من ضروب الحذر في مجتمعات تقليديّة تتحاشى ذكر عيوبها، وتتوهّم أنّها تطهّرت من الآثام التي واظبت على اقترافها مجتمعات أخرى. ويقترح الناقد في كتابه الأخير»التخيّل التاريخي: السرد، والإمبراطوريّة، والتجربة الاستعماريّة» أن الوقت حان لكي يحلّ مصطلح «التخيّل التاريخيّ» محلّ مصطلح «الرواية التاريخيّة»، فهذا الإحلال سوف يدفع بالكتابة السرديّة التاريخيّة إلى تخطّي مشكلة الأنواع الأدبيّة، وحدودها، ووظائفها، ثمّ إنّه يفكّك ثنائيّة الرواية والتاريخ، ويردم الهوّة في ما بينهما، ويعيد دمجهما في هُويّة سرديّة جديدة.