شن رئيس الوزراء نوري المالكي هجوماً على جهات لم يسمها بسبب «تسييسها قضية حقوق الإنسان» خصوصاً في المعتقلات، وأعلن «رفض الإفراج عن معتقلين متهمين تحت عنوان حقوق الإنسان»، اثر مطالبات لنواب بالإفراج عن المعتقلين بدعوى تعرضهم لانتهاكات، فيما استغربت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان عدم دعوتها الى الندوة، مؤكدة «وجود خروقات وانتهكات في السجون العراقية». وفي غضون ذلك، شدد نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لدى الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني على ضرورة تفعيل مشروع المصالحة الوطنية وحل المشاكل العالقة بين بغداد وإقليم كردستان. وقال المالكي في كلمته أمس خلال ندوة «حقوق الإنسان» التي عقدتها الأمانة العامة لمجلس الوزراء في فندق الرشيد في «المنطقة الخضراء» في بغداد أمس على انه «لن يتم اطلاق سراح اي معتقل الا اذا ثبتت براءته»، مشيراً الى ان «حقوق الإنسان ليست محصورة بالمعتقلين، وأصبحت قضية سياسية، وعجباً ان تكون حقوق الإنسان للمعتقلين فقط وليست للإبرياء». وأضاف المالكي ان «هؤلاء يتحدثون عن المعتقل وحقوقه ولا نرى من يتحدث عن حقوق البريء والأرملة التي ترملت بسبب الإرهابيين» متسائلاً «عما إذا كان البعض يدافع عن حقوق الإنسان للمعتقلين فمن قتل وخرب وقام بالتفجيرات؟»، مستنكراً ان «يصل الكلام الى عدم إصدار احكام قضائية بحقهم» في اشارة الى أحكام بالإعدام على بعض المتهمين. ودعا المالكي هذه الجهات، التي لم يسمها، الى ان «تدافع عن الأبرياء والضحايا» مشيراً الى ان «كل شيء في العراق مسيس، حتى مكافحة الفساد الإداري دخلت فيه السياسة، وكذلك الفساد السياسي وحقوق الإنسان». وانتقد «الذين يفكرون بعقلية النظام السابق في انتهاك حقوق الإنسان»، مطالباً منظمات حقوق الإنسان بأن «لا تثور بمجرد اعتقال شخص متهم ببعض القضايا». وأضاف «نطالب بحق المعتقلين وتوفير سجن مناسب لهم»، وتابع مؤكداً «لكن ان يطلق سراحهم تحت عنوان حقوق الإنسان، كلا». من جانبه أعلن الأمين العام للأمانة العامة لمجلس الوزراء علي العلاق انه تم «اختزال الكثير من منظمات المجتمع المدني لكونها منظمات وهمية ليس لها وجود ولا عمل لها سوى الاستفادة من الدعم». وأشار الى ان «الأمانة العامة تقدم الدعم وتسهيل الإجراءات بما يتناسب مع مهمات هذه المنظمات»، وأضاف «نحن على ابواب إجراءات جديدة تتعلق بتدريب وتطوير كوادر منظمات المجتمع المدني في العراق». وانتقدت «لجنة حقوق الإنسان في البرلمان» بشدة وزارة حقوق الإنسان والأمانة العامة لمجلس الوزراء لعدم دعوتها الى الندوة، معتبرة ذلك «محاولة لإقصائها وتهميشها». واتهم عضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان النائب حنين قدو في تصريح الى «الحياة» وزارة حقوق الإنسان بأنها «تسعى الى ابعاد اللجنة البرلمانية عن ممارسة دورها بمراقبة عمل الوزارة وحماية حقوق الإنسان وتعزيزها في البلاد». وأقر قدو بوجود «انتهاكات لحقوق الإنسان في السجون العراقية»، كاشفاً «سعي البرلمان الى تأسيس مفوضية مستقلة لحقوق الإنسان تحل محل وزارة حقوق الإنسان». واعتبر «عدم دعوة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الى الندوة دليلاً على عدم رغبة وزارة حقوق الإنسان في التعاون والتنسيق والعمل المشترك مع البرلمان». الا ان وزارة حقوق الإنسان نفت هذه الاتهامات، واعتبرتها «مجانبة كبيرة للحقيقة». وقال مدير عام رصد الأداء في الوزارة كامل امين ل «الحياة» ان «الوزارة ليست هي المنظمة للندوة بل هي مدعوة فقط»، مشيراً الى ان «الأمانة العامة لمجلس الوزراء هي الجهة المنظمة». وأضاف ان «الندوة كانت مخصصة لتطوير عمل المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان وليس لمناقشة واقع حقوق الإنسان في العراق والانتهاكات التي تعرض لها السجناء». وكان نائب الرئيس الأميركي شدد خلال اتصالين منفصلين مساء الثلثاء مع كل من طالباني وبارزاني على تفعيل مشروع المصالحة الوطنية وحل المشاكل العالقة بين بغداد وإقليم كردستان. وجاء في بيان عن مكتب بايدن اول من امس انه «قدم للزعيمين عرضاً باللقاءات التي أجراها الأسبوع الماضي في بغداد، وجدد التأكيد على التزام الحكومة الأميركية النجاح في العراق». وأضاف ان بايدن «شدد ايضاً على ضرورة التوصل الى حل لمسائل المصالحة في العراق» واصفاً المحادثات التي اجراها بايدن والزعيمين العراقيين بأنها «بناءة وإيجابية». وجاء هذا البيان بعد مطالبة الحكومة العراقية الولاياتالمتحدة بعدم التدخل في سياستها الداخلية وذلك غداة تحذير صارم من نائب الرئيس الأميركي للقادة العراقيين. وخاض بايدن، الذي زار العراق لأيام الأسبوع الماضي، بعد ان كلفه الرئيس باراك أوباما مسؤولية اللجنة المكلفة العمل على الاستقرار السياسي في العراق، مباحثات مضنية مع قيادات عراقية ركزت على قضية المصالحة الوطنية، وهدد محاوريه العراقيين بفك الحكومة الأميركية التزامها في حال استئناف اعمال العنف الطائفية او الإتنية. وجدد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الإثنين رفضه اي «تدخل اجنبي» في الشؤون الداخلية لبلاده ودعا العراقيين الى التوحد لمواجهة هذا الأمر. وأصدر كل من طالباني وبارزاني بياناً عن اتصال بايدن، ونقل البيان عن طالباني قوله لبايدن ان «الشعب الكردي كان في الماضي له صديق واحد وهو الجبل، أما الآن فلديه صديق آخر وهو الولاياتالمتحدة». وجاء في بيان عن بارزاني ان المكالمة الهاتفية مع بايدن ركزت على القضايا المتعلقة بالوضع السياسي في العراق مثل المناطق المتنازع عليها، والمادة 140 الخاصة بكركوك، ومشروع قانون النفط والغاز وقانون توزيع عائدات النفط، وطرح بايدن رأيه حول كيفية ايجاد الحلول لهذه المسائل، فيما ذكر بارزاني ان المشاكل العالقة يجب ان يتم حلها من خلال الحوار المباشر بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم وعلى أساس الدستور العراقي.