أكد مشاركون في اليوم الأول من مؤتمر «الأدب في مواجهة الإرهاب» الذي انطلق أمس برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وتنظيم جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أهمية الدور الذي لعبه الملك عبد العزيز في مقاومة الاضطراب الأمني، بتحويل الأعداء إلى أصدقاء وتطبيق الشرع وإقامة الحدود، متطرقين إلى أهمية الشعر وتأثيره في الوجدان، وبالتالي في المجتمع، مشددين على دور الأدباء في إرساء دعائم الأمن. وتوقفوا عند قصص الأطفال، وما يمكن أن تلعبه من أهمية قصوى في تشكيل النشأ. أوضح الدكتور محمود بن إسماعيل عمار في ورقة بعنوان «الأمن الذي حققه الملك عبد العزيز في عيون الشعراء» أن الإرهاب «كان موجوداً على نطاق واسع، وكان اختلال الأمن في هذه البلاد على أشده». وقال إن الملك عبد العزيز «عمد إلى خطة لمقاومة هذا الاضطراب الأمني، منها: نشر الوعي والتعليم في المجتمع، وتطبيق الشرع وإقامة الحدود، وتحويل الأعداء إلى أصدقاء واكتساب ود الناس ومحبتهم، وتوطين أفراد المجتمع في الهجر واستقرارهم وتنظيم أمورهم الحياتية». وأشار الدكتور عمار إلى أن المملكة «أصبحت واحة للأمن يضرب بها المثل في عهد الملك عبد العزيز، سجل ذلك الكتاب من عرب ومن عجم أما الشعراء فقد انقسموا إلى ثلاث فئات كما يأتي: شعراء المملكة الذين عاصروا الملك عبد العزيز ورأوا وشاهدوا ما تحقق، وشعراء العالم العربي الذين ابتهجوا للنقلة الحضارية الأمنية التي أحدثها الملك عبد العزيز، وشعراء معاصرون من المملكة (الجيل الثاني والثالث). وقالت الدكتورة سعاد بنت فريح الثقفي في ورقة عنوانها «الأمن الاجتماعي في وظيفة الشعر عند نقاد العرب» إن الشعر «متعة فنية وفكرية تجذب القارئ أو المستمع من واقعه لتحلق به في فضاء الكلمة»، مضيفة أن للنقد العربي «رؤية واضحة بشأن تحقيق الشعر للأمن الاجتماعي، وأن الشعر يرتبط بغايات اجتماعية». ووصفت الشاعر بأنه «صاحب كلمة نافذة ورأي سديد يمتلك التأثير الساحر دالاً على معالي الأمور، مرشداً إلى كريم الأخلاق ناهياً عن الدناءة والكلمة الخبيثة التي توقد نار الفتنة وتؤجج روح العصبية». ولفت الدكتور الوليد عبدالرؤوف المنشاوي في ورقته «أثر الأدب في إرساء دعائم الأمن في المجتمع» إلى أن الواجب على المجتمعات أن تحافظ على أمنها وأمانها، «لأن في اختلال أمنها بداية تسلط أعدائها عليها، ونشر الفساد فيها وتأخرها عن التقدم في مجالات الحياة». وبين الدكتور المنشاوي أن على الأدب «أن يحارب التشدد والغلو في التصرفات وردود الأفعال، وأن يواجه السلبيات التي تدفع بالشباب إلى الخروج عن طريق السماحة والاعتدال، وأن يأخذ مكانه بتبني الدعوة إلى تعزيز الوسطية في النهج والاعتدال في الفكر»، مضيفاً أن على الأدب أن يدعو «إلى توقير العلماء وإبراز مكانة أهل العلم وترسيخ أهمية لزوم الجماعة، وتعزيز مبدأ الحوار وتعميق معاني الانتماء إلى الوطن». وتطرق الدكتور نادي حسن شحاتة في ورقته «الشعر في مواجهة الانحراف الديني: الزندقة في العصر العباسي أنموذجاً» إلى أن الزندقة «من المصطلحات الوافدة على البيئة العربية، وحملت معاني عدة تتجه إلى الخروج عن صحيح الدين الإسلامي». وقال إن من آثار الزندقة على المجتمع الإسلامي: إظهار الإسلام وإبطان المجوسية أو عبادة النار، والدعوات المتكررة إلى ارتكاب الآثام والفحش والفجور، وهدم تعاليم الإسلام وذم الأنبياء وامتد الأمر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن، والتمرد المسلح». وبين الدكتور شحاتة أن دور الدولة والشعر في مواجهة الزندقة، «ثلاثة أدوار رئيسية في مواجهة فتنة الزندقة هي: الدور الفكري الشعري، والدور الاستشعاري الشعري، والدور العسكري الشعري». وفي جلسة بعنوان «الأدب وثقافة العنف»، أوضحت الكاتبة فوزية الحبشي في ورقة عنوانها «توظيف القصص القرآني في مواجهة العنف مع الذات ومع الآخر» أن القصة القرآنية «على رغم حقيقتها التاريخية لم تنقل لنا حرفية الواقع، لأن القرآن الكريم ليس كتاباً في التاريخ بقدر ما هو كتاب هداية يرسم من خلال قصصه وشخصياته وحواراته النماذج الإنسانية الراقية الصالحة للاقتداء والتأسي على مر العصور»، مضيفةً بأنه من الضروري «إقامة جسور حقيقية لبناء قاعدة قوية في عملية التغيير وخلق مؤثر حقيقي لقناعاتنا وسلوكياتنا مع الذات ومع الآخر، سواء كان ذلك الذي يخالفنا في الفكرة أم ذاك الذي يخالفنا في المعتقد». وأشارت إلى أن دراستها تسعى إلى إبراز الوجه الحقيقي للأديب المسلم، الذي يشكل القرآن دستوره ومرجعتيه. وتناول الدكتور أحمد سمير المرسي العاقور ثقافة العنف بين الأدبين العربي والغربي. كما تحدث الدكتور فرج الظفيري عن العنف في أدب الطفل في مجلات الأطفال السعودية. وقال إن هناك ارتفاعاً في نسبة القصص، المشتملة على العنف في مجلات الأطفال، كما أنه لا يوجد سياسة تحريرية واضحة تتبناها إدارات مجلات الأطفال حيال قضايا العنف والإرهاب في القصص». و نوه بأن غالبية القصص «لم يكن العقاب على العنف موجوداً فيها، وأن معظم القصص كان المنفذ للعقاب هو المجني عليه». وعدّ ذلك خطأً فادحاً، مشيراً إلى أنه يجب أن تكون الجهة المنفذة للعقاب هي الجهات المسؤولة. وأوصى الدكتور الظفيري بأن تعالج قضايا الإرهاب، «بما يتناسب مع حجم القضية وأن تكون المعالجة مشتملة على التحذير من هذا المسلك وبيان خطره، وتوضيح الطريق الصحيح في التعامل مع القضايا التي يتولد منها الإرهاب». وأوصى أيضاً بأن تتظافر جهود المؤلفين في محاربة العنف «والحذر من أن يتسرب العنف إلى قصص الأطفال، وعمل دراسات حول العنف في البرامج المقدمة للأطفال في وسائل الإعلام المختلفة، وقيام الباحثين بتزويد القائمين على مجلات الأطفال بنتائج دراساتهم حول العنف في مجلات الأطفال، وإنشاء جهاز أو لجنة تابعة لجامعة الإمام تحمل على عاتقها محاربة الإرهاب والعنف لا تقف حدوده عند قصص الأطفال، بل تتعداه إلى غيره من الوسائل والوسائط التي يتفاعل معها الطفل».