برزت سوق الصكوك باعتبارها واحدة من المكونات الرئيسة للنظام المالي الإسلامي. ونمت بين عامي 2001 و2010 بمعدل سنوي مركّب بلغت نسبته 57 في المئة لتبلغ 177 بليون دولار في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وتساهم بنحو 14 في المئة من الأصول المالية الإسلامية عالمياً. وسجل العام الماضي تزايداً في أعداد الدول التي تسعى الى الانفتاح على سوق الصكوك، منها أسواق كبيرة كالأردن وإيران واليمن، إضافة إلى إمكان دخول الحي المالي في هونغ كونغ لاعباً هذه السنة. وشهدت سوق الصكوك في الشرق الأوسط مرونة عالية، على رغم الأوضاع السياسية، ما أدّى إلى قفزة بلغت ثلاثة أضعاف على أساس سنوي في إصدارات الصكوك في المنطقة، بفضل استفادة مُصدري الصكوك من انخفاض تكاليف جمع الأموال. وانتهت «الهيئة العامة للرقابة المالية» المصرية من إجراء تعديلات مقترحة على القواعد المنظمة لإصدار صكوك التمويل في اللائحة التنفيذية لقانون سوق المال 95 لعام 1992، التي تهدف إلى استكمال الإطار القانوني المنظّم لإصدار صكوك التمويل، ما يتيح للجهات المصدرة للصكوك، سواء كانت شركات أو أشخاص اعتباريين، وضع الشروط التفصيلية للنشاط، الذي ستستخدم حصيلة الاكتتاب في الصكوك في تمويله في نشرة الاكتتاب الخاصة بكل إصدار، متضمّناً نوع الصكوك التي ترغب الشركة أو الجهة في إصداره (مضاربة، مشاركة، مرابحة، إجارة). ويتضمن تعديل المادة 37 السماح بإصدار صكوك تمويل في صورة مشاركة، يعتبر المكتتب فيها مشاركاً ومساهماً في المشروع أو النشاط، وليس دائناً فقط، لتلبية حاجات شريحة كبيرة من الأشخاص الاعتباريين والشركات الراغبة في تمويل أنشطتها ومشاريعها أو التوسّع فيها، عبر التمويل بالمشاركة في هذه الأنشطة والمشاريع. وشملت التعديلات وضع الضوابط والضمانات التي تسمح ل «الهيئة» بمتابعة إصدار الصكوك ومراقبتها. مشاركة المكتتبين وقال نائب رئيس «الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار» محسن عادل، إن الصكوك المالية الإسلامية عبارة عن وثيقة بقيمة مالية معيّنة تصدرها مؤسسة بأسماء من يكتتبون فيها، تستثمر حصيلة البيع سواء بنفسها أو بتسديده إلى الغير للاستثمار نيابة عنها، وتعمل على ضمان تداوله. ويشارك المكتتبون بالصكوك في نتائج هذا الاستثمار بحسب الشروط الخاصة بكل إصدار. وأشار الى أن قيمة الموجودات لا تلعب دوراً في نجاح تنظيم تمويل الأصول، وإن الكثير سيعتمد على قيمة الأصول وتقلّباتها، مشيراً إلى أن التحدّي الرئيس في هيكلة تداولات الأصول المالية، يتعلق بالجمع بين عناصر الهيكلة التقليدية والإسلامية في العملية ذاتها. وأكد عادل ضرورة توحيد الإجراءات التي تنظم إصدارات الصكوك في منطقة الشرق الأوسط، ما من شأنه أن يسرّع عمليات الإصدار ويجعلها اكثر مرونة، مشيراً إلى عدم وجود نهج ثابت في اللوائح المحلية لكل دولة حول كيفية الإصدار. وأفاد تقرير أعدته «الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار» بأن قيمة إصدارات الصكوك العالمية بلغت 5 بلايين دولار في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، لتنهي سنة قياسية في قيمة الإصدارات التي بلغت نحو 85 بليون دولار عام 2011، بزيادة نسبتها 90.2 في المئة عليها عام 2010، مع اتساع شعبية الصكوك الحكومية. وكانت الإصدارات السيادية المحرّك الرئيس لسوق الصكوك وبلغت نحو 59 بليون دولار، في حين سجلت إصدارات الشركات 19 بليون دولار. وسجلت سوق الصكوك الثانوية العالمية أعلى مستوياتها على الإطلاق العام الماضي، بالغة نحو 178 بليون دولار بزيادة قدرها 24 في المئة عن إصدارات العام السابق. ويتوقع أن تتجاوز إصدارات الصكوك العالمية خلال العام الجاري حاجز 200 بليون دولار، بنسبة نمو تتراوح بين 25 و30 في المئة عن العام الماضي، بفضل الدور المتزايد للإصدارات الحكومية التي ستشكل العمود الفقري للسوق، لإنعاش القطاع الخاص وتمويل مشاريع التنمية. وعزت المديرة التنفيذية في «المركز المصري للدراسات الاقتصادية» ماجدة قنديل انخفاض التداول في السندات في سوق المال المصرية إلى عدم وجود وعي استثماري لأهمية السندات، فضلاً عن صعوبة التداول فيها لمعظم المستثمرين، على عكس الأسهم التي يعتبرها المستثمرون أكثر جاذبية. وشددت على ضرورة تنشيط سوق السندات، لتحقيق عمق أكبر فيها، ما يساعد على زيادة معدلات السيولة وتأمين بدائل استثمارية أكبر أمام المستثمرين وصناديق الاستثمار والمحافظ، لا سيما للاستثمار المتوسط والطويل الأجل.