تعرّض «إعلان الدوحة» الذي وقعه الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل أمس برعاية أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الى انتقادات شديدة، خصوصاً ما تضمنه من تسمية عباس رئيساً للحكومة التوافقية. وفي حين اعتبرت قيادات «حماس» في غزة القرار «مخالفاً للدستور» و«منفرداً» و«قد يعصف بوحدة الحركة»، رأت إسرائيل ان عباس بتوقيعه الاتفاق «اختار ترك طريق السلام». وينص «إعلان الدوحة» على تشكيل حكومة التوافق من كفاءات مهنية مستقلة برئاسة عباس مهمتها تسهيل الانتخابات والبدء بإعمار غزة. وقال أمير قطر في حفلة التوقيع إن الأشقاء الفلسطينيين «سيجدوننا والأمة العربية معهم من أجل استعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة»، في إشارة الى الدعم الذي ستقدمه الدوحة. من جانبه، تعهد عباس تطبيق الاتفاق «في أقرب وقت ممكن»، فيما أكد مشعل: «نحن جادون، نحن جادون... في إنجاز المصالحة على الأرض». ولم يكد يتم التوقيع على «إعلان الدوحة» حتى أعلنت مصادر فلسطينية أن قيادات «حماس» وكوادرها في غزة ترفض قرار تسمية عباس رئيساً للحكومة لأنه «مخالف للقانون الاساسي (الدستور الموقت الذي ينص على فصل السلطات)، ولأنه يتناقض مع سياسة الحركة». واضافت ان نائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسى ابو مرزوق يشاطر قادة الحركة في غزة رأيهم ويرفض عباس رئيساً للحكومة. وفي القاهرة، أعلنت مصادر في «حماس» أن القرار «مرفوض من الحركة ولا يمثل موقفها لأنه منفرد وسيؤثر سلباً على تماسكها بل قد يعصف بوحدتها». كما اعتبرته «التفافاً على التوافق الفلسطيني الذي جرى في القاهرة حيث أكدت ورقة المصالحة ان رئيس الحكومة يجب أن يكون شخصية مستقلة، وعباس رئيس لحركة فتح وليس مستقلا». في الوقت نفسه، انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الاتفاق، مشيراً خلال اجتماع لوزراء «ليكود» الى انه «في حال قام ابو مازن بتطبيق ما تم توقيعه في الدوحة، فإنه يختار ترك طريق السلام». واضاف ان «حماس لم تقبل أدنى الشروط التي حددتها الأسرة الدولية، وليس فقط لا تعترف بإسرائيل والاتفاقات الموقعة معها، بل لم تنبذ الإرهاب أيضاً»، في إشارة الى الشروط التي وضعتها اللجنة الرباعية الدولية لمشاركة «حماس» في الحكم. في هذه الأثناء، كشف عضو اللجنة المركزية ل «فتح»، مسؤول ملف المصالحة عزام الأحمد أن «فكرة تولي عباس رئاسة الحكومة التوافقية طرحتها حماس في الجلسة الثلاثية الأولى التي ضمت أمير قطر وعباس ومشعل، ووافق عليها الرئيس فوراً». وأوضح ان «الفكرة قديمة وكان الرئيس يرفضها باستمرار، وأنا شخصياً بحثت فيها مع الأخوة في حماس قبل سنتين وكانوا يترددون في قبولها، لكن بعد ذلك قالوا لا مانع». وأضاف أن عباس سيطلع الفصائل على اتفاق الدوحة وسيشاورهم في شأن أسماء اعضاء الحكومة على هامش اجتماع لجنة منظمة التحرير الذي سيعقد في القاهرة في 18 الشهر الجاري. واعتبر الأحمد أن رئاسة عباس للحكومة ستسحب أهم ورقة من إسرائيل وأميركا وهي اشتراطهما موافقة أي حكومة فلسطينية على شروط «الرباعية»، اذ «لن يكون هناك مبرر للحديث عن شروط الرباعية». من جانبه، أعلن رئيس الحكومة المقالة اسماعيل هنية في بيان مقتضب انه «يبارك إعلان الدوحة ويؤكد ان حكومته جاهزة لتنفيذه». كما رحب رئيس حكومة رام الله سلام فياض بالاتفاق، وقال في بيان انه يعتبر الاتفاق «استجابة لتطلعات أبناء شعبنا لإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته باعتبار ذلك ضرورة وطنية ملحة». ومن المتوقع أن يبقى رئيسا الحكومتين في منصبيهما إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة.