نجحت قطر في حلحلة أعقد مشكلة واجهتها حركتا «فتح» و «حماس» على طريق المصالحة، وتكمن في مسألة الاتفاق على رئيس حكومة توافقي. وفي حدث هو الأول منذ سنوات، وقع أمس الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس خالد مشعل، وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بصفته «شاهد» على «إعلان الدوحة» الذي نص على «تشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطينية من كفاءات مهنية برئاسة الرئيس عباس، وتكون مهمتها تسهيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبدء بإعمار غزة». ونص «إعلان الدوحة» الذي جرى توقيعه في الديوان الأميري في حضور ولي العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، ووزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور خالد العطية، ورئيس المؤسسة القطرية للإعلام الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني ووفدي «فتح» و«حماس»، على «التأكيد على الاستمرار بخطوات تفعيل منظمة التحرير وتطويرها من خلال إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني بشكل متزامن مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية، كما تم الاتفاق على عقد الاجتماع الثاني للجنة تفعيل منظمة التحرير في 18 الشهر المقبل في القاهرة». وأكد البيان الذي تلاه مساعد وزير الخارجية القطري للشؤون الخارجية على بن فهد الهاجري على «استمرار عمل اللجان التي تم تشكيلها، وهي لجنة الحريات العامة المكلفة معالجة ملفات المعتقلين والمؤسسات وحرية السفر وعودة الكوادر الى قطاع غزة وجوازات السفر وحرية العمل ولجنة المصالحة المجتمعية». أمير قطر: سيجدوننا معهم وفيما هنأ أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في حفلة التوقيع «الشعب الفلسطيني وأمتنا العربية على الإعلان الذي تم في الدوحة»، خاطب عباس ومشعل بقوله: «لا شك أنها مسؤولية تاريخية تقع على عاتقهما في توحيد الحركة الوطنية الفلسطينية في هذه الظروف التي تمر بها القضية الفلسطينية ومنطقتنا». وأعتبر أمير قطر أن «إعلان الدوحة خير دليل على التصميم لدى الإخوة في فتح وحماس على اعادة اللحمة الى الجسم الفلسطيني السياسي»، وقال: «نحن في قطر مؤمنون بصدق النيات والإصرار التي أظهرها الأخوة في فتح وحماس من أجل تذليل العقبات كافة». وأضاف في إشارة ذات دلالات: «في تقديرنا ليس أمام الأشقاء الفلسطينيين سوى المضي في تحقيق وحدتهم الوطنية التي لم تعد خياراً بل مصير». وفي إشارة الى الدعم الذي ستقدمه الدوحة للفلسطينيين، قال: «سيجدوننا والأمة العربية معهم من اجل استعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة». عباس: وقعنا للتطبيق وفيما حرص عباس على أن يستهل كلامه بتوجيه «كل الشكر والتقدير والاحترام الى صاحب السمو أمير دولة قطر على هذه البادرة الطيبة، وهذا الجهد العظيم الذي بذله من أجل دفع مسألة المصالحة»، وجه «الشكر الى الشقيقة الكبرى مصر التي بدأت واستمرت وما زالت تبحث وتعمل من أجل هذه المصالحة». وشدد عباس: «أحب أن أقول نحن هنا لم نوقع من أجل التوقيع، ولم نوقعه للنشر والإعلام، وانما وقعناه من أجل التطبيق، سواء في ما يتعلق بالانتخابات أو الحكومة أو قضايا المصالحة الداخلية أو ما يتعلق بكل شيء، وبصرف النظر عما يجري حولنا من أمور صعبة». وأضاف: «نعتبر المصالحة مصلحة وطنية حيوية فلسطينية وعربية، وعندما أقول عربية هذا هو الذي جعل صاحب السمو أمير قطر وولي العهد ورئيس الوزراء أن يقوموا بهذه الجهود المشكورة الكريمة التي أدت الى هذا» الاتفاق. وتابع: «نعد أهلنا في كل مكان أن يكون هذا الجهد موضع التطبيق في أقرب وقت ممكن». مشعل: نحن جادون وقال مشعل في كلمته: «من الدوحة العزيزة، أزف خبر هذا التوافق الجديد المجدد الى شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والاسلامية». وبعدما حيا «الجهد المشكور لإخواننا في مصر»، قال: «إننا اليوم في رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة حفظه الله، وفي رعاية قطر وولي العهد ورئيس مجلس الوزراء وكل المسؤولين القطريين»، منوهاً ب «دعم الشعب القطري الحريص على القضية الفلسطينية». وأكد: «سعداء بهذا الإنجاز، أشكر أيضاً الأخ أبو مازن (عباس) على روحه الطيبة التي لمستها منذ ان التقيته في القاهرة، ولمستها كذلك في الدوحة»، و «الحمد لله، نحن نبشر شعبنا، وهو يطالب بالمزيد من التطبيق العملي (لاتفاق المصالحة)، ولديه (الشعب الفلسطيني) تخوّف من أن كثرة الاتفاقات قد لا تترجم على الأرض». وأضاف: «أنا اقول بصدق، الرائد لا يكذب أهله، نحن جادون، نحن جادون، نحن الطرفين الفتحاوي والحمساوي ومعنا ان شاء الله كل القوى الفلسطينية والشخصيات الوطنية الفلسطينية في الداخل والخارج، نحن جادون في لأم الجراح وإنهاء صفحة الانقسام وإنجاز المصالحة على الأرض وتقوية وحدتنا الوطنية الفلسطينية في كل مجالاتها، سواء في موضوع الانتخابات، أو الحكومة، أو ملفات المصالحة أو المعتقلين وكل القضايا». وأكد أن «الدم الفلسطيني سيعود موحداً، والقرار الفلسطيني موحداً على قاعدة الشراكة، سواء في إطار السلطة أو في إطار منظمة التحرير الفلسطينية». وأرسل مشعل رسالة طمأنة بقوله: «أنا أطمئن الجميع أننا جادون في هذا (تطبيق الاتفاق) من أجل أن نتفرغ كفلسطينيين بكل قوانا في مواجهة العدو المحتل لنقاومه وننجز مشروعنا الوطني التحرري ونحقق حقوقنا الوطنية الفلسطينية». وختم حديثه قائلاً: «شكراً سمو الأمير، شكراً الأخ أبو مازن، وإن شاء الله نحن على هذا العهد». يذكر أن الدوحة شهدت قبل التوقيع اجتماعاً عقده ولي العهد القطري وعباس ومشعل في حضور رئيس الوزراء، تناول «خطوات تطبيق بنود المصالحة والجهود المبذولة لتشكيل حكومة وفاق وطني، كما تم استعراض المستجدات على الساحة الفلسطينية، ولوحظ أن الأمير الشيخ حمد بن خليفة واصل مشاوراته الكثيفة مع عباس ومشعل حتى قبيل التوقيع بنحو ربع الساعة». وفي تعليق هو الأول في شأن نجاح قطر في بلورة اتفاق تاريخي بين «فتح» و «حماس»، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور خالد بن محمد العطية إن «قطر تبني وساطتها وديبلوماسيتها على المصالح المشتركة والشفافية والصدق، هذا هو نهجها، والصراحة هي أقصر طريق لحل المشاكل».