تكريم 6 جهات متقدمة في مؤشر نُضيء    الرياض مقرا لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    اختتام أعمال منتدى المدينة للاستثمار    النفط يتراجع بسبب مخاوف زيادة المعروض وارتفاع الدولار    نقاط الخلاف تعرقل الحل النهائي لوقف الحرب في غزة    السعودية تنظّم منتدى الرياض الدولي الإنساني فبرايل المقبل    لاجئو السودان يفرون للأسوأ    استبعاد صالح الشهري من المنتخب السعودي    القبض على شخص بمنطقة حائل لترويجه أقراصاً خاضعة لتنظيم التداول الطبي    أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    إصدار النسخة الأولى من السجل الوطني للتميز المدرسي    مشروعات علمية ل480 طالبا وطالبة    "كايسيد" يعزز من شراكاته الدولية في أوروبا    «مستشفى دلّه النخيل» يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    كافي مخمل الشريك الأدبي يستضيف الإعلامي المهاب في الأمسية الأدبية بعنوان 'دور الإعلام بين المهنية والهواية    "الشركة السعودية للكهرباء توضح خطوات توثيق عداد الكهرباء عبر تطبيقها الإلكتروني"    د.المنجد: متوسط حالات "الإيدز" في المملكة 11 ألف حالة حتى نهاية عام 2023م    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ووزير الداخلية بالكويت يزور مركز العمليات الأمنية في الرياض    جامعة الدول العربية تعلن عن تجهيز 10 أطنان من الأدوية إلى فلسطين    فعاليات يوم اللغة العربية في إثراء تجذب 20 ألف زائر    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائناً فطرياً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يلتقي بابا الفاتيكان    لا تكتسب بالزواج.. تعديلات جديدة في قانون الجنسية الكويتية    الدفعة الثانية من ضيوف برنامج خادم الحرمين يغادرون لمكة لأداء مناسك العمرة    رضا المستفيدين بالشرقية استمرار قياس أثر تجويد خدمات "المنافذ الحدودية"    تجمع القصيم الصحي يعلن تمديد عمل عيادات الأسنان في الفترة المسائية    بلسمي تُطلق حقبة جديدة من الرعاية الصحية الذكية في الرياض    وزارة الداخلية تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    وزارة الصحة توقّع مذكرات تفاهم مع "جلاكسو سميث كلاين" لتعزيز التعاون في الإمدادات الطبية والصحة العامة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    إن لم تكن معي    الطفلة اعتزاز حفظها الله    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    لمحات من حروب الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدود المنافسة
نشر في الحياة يوم 07 - 02 - 2012

كتب بروفيسور الاقتصاد في جامعة شيكاغو الذي كان من أهم من فازوا بجائزة نوبل، جورج ستيغلر، بحوثاً علمية في مجال الاحتكار والمنافسة، أكثر وربما أهم من أي اقتصادي آخر في القرن الماضي. وقال في آخر حياته انه اتضح له أن مضار الاحتكار قد تناقصت، بسبب التقدم التقني وارتفاع تكاليف المعلومات، إذا استثنينا الاحتكار الذي تحميه الحكومات من المنافسة الداخلية أو الدولية.
وسنضرب أمثلة على زيادة المنافسة، التي ألحقت أضراراً ملموسة بالجميع. ولنبدأ بصناعة الطيران المدني الأميركية. فبعيد تولي الرئيس كارتر الرئاسة الأميركية، فُتحت أبواب المنافسة، لكل من أراد تقديم الخدمة بالطريقة التي يراها، والأسعار التي يفضلها. فماذا حدث؟
في البدء انخفضت الأسعار المعلنة. وتدريجاً، ساءت الخدمة، إلى أن بلغت مستوى غير مسبوق من السوء. فازدحمت المطارات، وأفلست شركات كبرى، لها تجربة طويلة في الصيانة والتدريب، وبقيت مكونات خدمة أفضل. غير أن الأسعار الحقيقية ارتفعت، إذا أخذنا في الاعتبار ازدحام المطارات، وضيق المقاعد، وتدني مستوى الخدمة العامة، حتى كاد يتفق كل متابع متمعن، أن الأسعار الحقيقية التي يدفعها المسافر منذ أن يغادر منزله أو مكتبه، إلى أن يعود، أكثر بكثير مما كانت عليه قبل استحداث التنظيمات التي فتحت باب المنافسة للجميع حتى صارت التكاليف الحقيقية الكلية للمسافرين أجمع، وفي العالم قاطبة، أكثر بكثير مما كانت عليه في أواخر الستينات والسبعينات من القرن الماضي. صحيح أن الأسعار «الاسمية» أو ثمن بطاقة الحصول على مقعد، انخفضت كثيراً كما كان يبدو ظاهرياً للمسافر. لكن نوعية الخدمة التي تقدمها شركات الطيران للمسافرين من بوابة السفر إلى بوابة الوصول، وما بينهما في الطائرة سواءً كانت على الأرض أم في السماء، ساءت تدريجاً حتى وصلت درجة السوء إلى أقصى ما يمكن الوصول إليه.
وتدريجاً فقد مئات الآلاف مصدر قوتهم اليومي، وانخفضت أجور من استطاع البقاء. وامتدت في ما بعد حمى المنافسة إلى أوروبا، فحدث فيها ما حدث في أميركا. ولم يبقَ اليوم أكثر من بضعة شركات طيران في العالم كافة، التي تقدم خدمة جيدة أو لا يقل مستواها كثيراً عما كانت عليه في الستينات.
أي أن المنافسة، بحد ذاتها، لا تضمن انخفاض الأسعار الحقيقية، التي يدفعها عامة المستهلكين عندما يتطلب الأمر معرفة شبه مهنية لنوعية السلعة أو الخدمة ومستواها، وما يترتب على ذلك من دفع تكاليف المعلومات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة (تكاليف الإلمام بها ومتابعتها)، التي لا يعرفها ولا يستطيع متابعة آخر تطوراتها إلا المتخصصون.
ومثال آخر، ففي بلد ضخم جداً كالصين، لا يقدم خدمة ما يسميه السعوديون «الهاتف الجوال» أو الموبايل إلا ثلاث شركات. وفي المقابل، في مدينة كهونغ كونغ التي يسري فيها نظام تجاري آخر، موروث من بريطانيا، تقدم الخدمة ست شركات. فلاحظ المتابعون ارتفاع مستوى الخدمة في الصين، وتدنيها في هونغ كونغ. كما ارتفعت نسبة إسهام قطاع الاتصالات في زيادة الدخل الوطني- الذي تفيد زيادته الجميع- في الصين، وانخفضت نسبة إسهام زيادته في هونغ كونغ.
والمنافسة الكاملة، أو القريب منها، أي ضخامة عدد البائعين والمشترين، التي كانت وما زالت، تُدرّسْ في فصول نظرية «الأثمان»، لها أسباب، تعود بالدرجة الأولى إلى تسهيل توظيف الرياضيات في التنظير العلمي، وإلى محاولة تيسير الفهم للمبتدئين. وتعود أيضاً إلى طبيعة أهم ما كان يباع ويشترى في القرن الثامن والتاسع عشر كالمحصولات الغذائية، غير المصنعة والمعلبة، ولا المضاف إليها من وسائل الحفظ والتلوين التي لها الكثير من الأضرار، والقليل من المنافع، كما صار يحدث غالباً الآن. فغاب تساوي المعلومة بين البائع والمشتري، أياً كان عدد البائعين وعدد المشترين.
إن المنافسة «الكاملة» كما جاءت في كتب النظرية الاقتصادية تفقد معناها الاقتصادي إذا كان البائع يعرف أكثر من المشتري عن السلعة أو الخدمة التي تباع وتشترى. والعكس صحيح، إذا عرف المشتري أكثر من البائع، وهو ما يحدث أحياناً، فإن معنى المنافسة أيضاً يفقد معناه الاقتصادي.
واتضح اليوم أن من أهم أسباب تناقص أهمية المنافسة، بحد ذاتها، في رفع الكفاءة الاقتصادية، تسارع التقدم التقني المصحوب بزيادة تعقيدات معرفة الأسس التي بموجبها قد يستطيع المستهلك المفاضلة بين أغلب السلع والخدمات التي يشتريها، على خلاف ما كانت عليه سهولة المفاضلة، قبل بضعة عقود.
* أكاديمي سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.