باريس، نيويورك، لندن، روما، صوفيا - «الحياة» - عبرت دول غربية عن الغضب والإحباط إزاء استخدام روسيا والصين لحق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار بمجلس الأمن يشدد الضغوط على الرئيس السوري بشار الأسد لوقف الحملة الأمنية ضد المعارضين في بلاده، ويفتح الطريق أمام تغيير النظام عبر تخلي الرئيس السوري عن صلاحياته إلى نائبه تمهيداً لبدء مرحلة انتقالية وإجراء انتخابات حرة. كما اثار الفيتو الروسي - الصيني مخاوف في الاممالمتحدة من «تقويض سلطاتها» في ما يتعلق بالازمات الدولية. وانتقدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مجدداً أمس استخدام كل من روسيا والصين لحق النقض. وأضافت للصحافيين في صوفيا «ما حدث بالأمس في الأممالمتحدة كان أمراً فظيعاً». من ناحيته، ندد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بالفيتو الروسي والصيني، معتبراً انه «يقوض» الاممالمتحدة. وأعرب بان كي مون عن «اسفه الكبير» لفشل مجلس الامن في الاتفاق على قرار حول سورية، على ما اعلن الناطق باسمه مارتن نسيركي بعد عملية التصويت. وقال ان الفيتو «يقوض دور الاممالمتحدة والاسرة الدولية في هذه المرحلة حيث ينبغي ان تسمع السلطات السورية صوتاً واحداً يدعو الى وقف فوري لاعمال العنف التي تمارسها على الشعب السوري». واعتبر انه «مع تفاقم الازمة السورية وما يتسبب به ذلك من تصعيد في العنف ومعاناة للشعب السوري، فإن مجلس الامن اضاع فرصة للقيام بتحرك موحد يمكن ان يساعد لانهاء الازمة وبناء مستقبل يسوده السلام». ووصف الفيتو الروسي والصيني بأنه «خيبة امل كبرى لشعب سورية وللشرق الاوسط، ولجميع مناصري الديموقراطية وحقوق الانسان». وتابع انه «على رغم التصويت، على الاسرة الدولية والشعب السوري مضاعفة الجهود من اجل التوصل الى عملية انتقال سياسية نحو الديموقراطية يقودها السوريون بأنفسهم». وأكد ان الاممالمتحدة «مستعدة للعمل بتعاون وثيق مع الجامعة العربية وأطراف اخرى» من اجل التوصل الى ذلك. وفي باريس، أعرب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن «اسفه الشديد» للفيتو المزدوج الروسي - الصيني «رغم تأييد الدول الاعضاء الاخرى ال13» في المجلس، وفق بيان صدر عن قصر الاليزيه. وجاء في البيان ان «رئيس الجمهورية يأسف بشدة لعدم تمكن المجلس للمرة الثانية من ابداء رأيه بشأن الوضع في سورية بسبب تصويت دولتين دائمتي العضوية وعلى رغم دعم الدول الاعضاء الاخرى ال13». وتابعت الرئاسة انه «منذ آذار 2011 لم يستجب نظام دمشق للتطلعات المشروعة للشعب السوري الى الحرية والديموقراطية الا من خلال قمع وحشي ووعود جوفاء». وأكد ساركوزي «يجب ان تتوقف المأساة السورية». وأضاف ان «الدول التي تمنع مجلس الامن من ادانة هذه الاعمال تشجع النظام السوري على مواصلة سياسته الوحشية والتي من دون جدوى». واعتبر الرئيس الفرنسي ان «الاستخدام الكثيف للقوة المسلحة ضد المدنيين واللجوء المعمم الى التعذيب وممارسة اعمال العنف ضد مئات الاطفال تثير الغضب» و «ينبغي محاسبة من يأمرون بهذه الجرائم ضد الانسانية ويرتكبونها او يسهلون ارتكابها». ونبه ساركوزي الى ان «فرنسا لن تستسلم» كونها «تتشاور مع شركائها الاوروبيين والعرب بهدف تشكيل مجموعة اصدقاء للشعب السوري يكون هدفها تأمين دعم المجتمع الدولي لتنفيذ مبادرة الجامعة العربية». وذكر بأن «جامعة الدول العربية تبنت في 22 كانون الثاني (يناير) خطة يمكن ان تسمح بانهاء اعمال العنف وباعطاء الكلمة للشعب السوري عبر انتخابات وبانسحاب الرئيس بشار الاسد مع الحفاظ على بنى الدولة بهدف تجنيب البلد الغرق في حرب اهلية». وأكد ان «13 من اعضاء مجلس الأمن ال15 كانوا يأملون بدعم هذه الخطة العقلانية». كما اعتبر وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه ان الفيتو «يشل المجتمع الدولي». وقال جوبيه رداً على سؤال لشبكة التلفزيون الفرنسية الثانية «هذا يشل بالطبع المجتمع الدولي. وانا لا افهم هذا الامر خصوصاً اننا بذلنا جهوداً كبيرة للموافقة على التعديلات التي قدمتها كل من روسيا والصين». وأضاف جوبيه «لم يتضمن هذا القرار حظراً على السلاح ولا عقوبات ولا دعوة الى تنحي بشار الاسد» في اشارة الى التنازلات التي قدمت الى روسيا والصين لتجنب الفيتو دون جدوى. وتابع: «لم يكن بامكاننا الذهاب ابعد من ذلك، خصوصاً اننا لم نكن بوارد القبول بأن نضع على قدم المساواة النظام المسؤول عن جرائم ضد الانسانية، والمعارضين الذين يكافحون بإيديهم العارية». وفي لندن، اتهم وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ روسيا والصين ب»التخلي» عن الشعب السوري. وقال هيغ في بيان انه «بهذه الخطوة، فانهما يتخليان عن الشعب السوري ويشجعان نظام الرئيس (بشار) الاسد الوحشي على ارتكاب المزيد من المجازر مثلما حصل في حمص في الساعات ال24 الاخيرة». وتابع: «كان امام روسيا والصين اليوم خيار بسيط: اما ان تدعما الشعب السوري والجامعة العربية او لا. قررتا عدم القيام بذلك، بل قررتا الوقوف الى جانب النظام السوري وقمعه الوحشي». وأضاف: «ان مشروع القرار الذي قدمه المغرب كان يدعم جهود الجامعة العربية من اجل تسوية الازمة في سورية ويدعو الى وقف فوري لجميع اعمال العنف ... ولم يكن يفرض عقوبات كما لم يكن يسمح بأي تحرك عسكري». وأكد انه «لم يكن هناك في مشروع (القرار) اي شيء يبرر» الفيتو. وقال: «قتل اكثر من الفي شخص منذ ان فرضت روسيا والصين الفيتو ضد اخر مشروع قرار في تشرين الاول (اكتوبر) 2011. وقتل اكثر من ستة آلاف شخص منذ بدء الاحتجاجات (في آذار 2011) وتم تعذيب واعتقال عدد اكبر بعد». وتساءل: «كم من القتلى يجب ان يسقطوا بعد قبل ان تسمح روسيا والصين لمجلس الامن الدولي بالتحرك؟». وفي روما، أسف وزير الخارجية الايطالي جوليو تيرزي للفيتو الروسي والصيني ضد مشروع قرار في مجلس الامن الدولي في شأن سورية، مؤكداً ان الشعب السوري لا يمكنه ان ينتظر اكثر. وقال الوزير جوليو تيرزي في بيان ان «الشعب السوري لا يمكنه الانتظار. على المجتمع الدولي ان يجد سبيلاً للتعامل مع الازمة الانسانية والسياسية الراهنة البالغة الخطورة». واعتبر ان لجوء روسيا والصين الى حق النقض هو «خبر سيء جداً»، لافتاً الى ان «عدد المدنيين الذين قتلوا بيد النظام السوري يتحدث عن نفسه». وأضاف ان ايطاليا «تكرر التزامها ممارسة ضغط كبير على نظام الرئيس بشار الاسد».