رمى الرئيس الأميركي باراك أوباما «كرة» الأزمة النووية مع إيران في «ملعب» روسيا، بدعوتها إلى العمل مع الغرب لتفادي سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط وشرق آسيا في إشارة الى إيران وكوريا الشمالية. وفي اليوم الثاني لزيارته روسيا، قال اوباما رداً على تحفظات الروس عن نشر الدرع الصاروخية الأميركية في شرق أوروبا، ان هذه «الدرع» ستفقد معناها في حال تخلي إيران عن برنامجها النووي العسكري. وشدد خلال لقائه رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين امس، على أهمية دور روسيا في حل المشكلة النووية الإيرانية. في الوقت ذاته، صرح الرئيس الأميركي في مقابلة مع شبكة «سي ان ان» بأن الولاياتالمتحدة لم تعط إسرائيل «على الإطلاق» الضوء الأخضر لمهاجمة إيران لمنعها من امتلاك السلاح النووي. ودافع أوباما عن مقاربته للسياسة الخارجية، واعتبر انها بدأت تؤتي ثمارها «المتواضعة»، خصوصاً في ما يتعلق بنزع السلاح النووي لإيران وكوريا الشمالية، مشيراً الى أن الوقت ما زال مبكراً لإعلان نجاح هذه المقاربة. ولاحظ المراقبون ان الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف تفادى الحديث عن إيران في مؤتمره الصحافي مع اوباما أول من أمس، وكذلك فعل بوتين الذي تجنب تقديم أجوبة للرئيس الأميركي في هذا الشأن. في المقابل، عبر الجانب الروسي عن مخاوفه من امتداد النفوذ الغربي الى منطقة «الفضاء السوفياتي» السابق، اذ ابلغ بوتين الرئيس الأميركي ان اوكرانيا وجورجيا «مهمتان جداً بالنسبة إلى روسيا»، الأمر الذي وعد أوباما بأخذه في الاعتبار، من دون الخوض في مزيد من التفاصيل، كما روى ديبلوماسيون حضروا اللقاء بين الجانبين. وبدا ان النقاط الخلافية في ما يتعلق بملف التسلح، عادت إلى الظهور مجدداً، اذ بادر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي حضر لقاء اوباما - بوتين إلى التحذير من أن مضي واشنطن في خططها نشر «الدرع»، سيدفع موسكو إلى إعادة النظر بالاتفاق المبدئي الذي أبرمه الجانبان في شأن خفض التسلح النووي. وفي مقابلة مع محطة «إي بي سي» التلفزيونية الأميركية من مركز المعارض في مدينة سان بطرسبرغ في روسيا، قال اوباما: «علينا ان نرى إذا كانت دولة كروسيا ترغب في العمل معنا للضغط على إيران كي تتخذ طريقها نحو الاحترام الدولي، وهذا سنعرف نتائجه بعد أشهر من خلال مواصلتنا العمل الديبلوماسي الشاق من أجل بناء هذا التحالف ودعوة ايران الى اتخاذ الخيار الأفضل». وأعطى اوباما مثالاً على نجاح مقاربته لملفي ايران وكوريا الشمالية، مشيراً الى «إجماع قوي لفرض نظام عقوبات صارم» ضد بيونغيانغ في مجلس الأمن. ولاحظ ان هذا الإجماع «لم يكن ممكناً قبل سنتين او ثلاث سنوات بالنسبة إلى روسيا أو الصين». وأضاف «كان بإمكانهما الاعتراض (على العقوبات) في مجلس الأمن». واعتبر الرئيس الاميركي أن «النخبة الحاكمة في ايران تعيش نزاعاً مؤلماً انعكس في الشارع بشكل قوي، وقولنا اننا مستعدون للعمل مع ايران مع إبراز قلقنا العميق إزاء أعمال العنف والاعتقالات التي حصلت، أوجد مساحة يمكن للمجتمع الدولي الانضمام اليها من أجل يكون الضغط على ايران اكثر فاعلية منه في الماضي». في الوقت ذاته، نقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية عن نائب رئيس جهاز الحكومة الروسية يوري أوشاكوف الذي حضر لقاء اوباما بوتين في مقر إقامة رئيس الوزراء الروسي في نوفو أوغاروفو قرب موسكو، ان الرئيس الاميركي أعرب عن اعتقاده بأهمية تفعيل مناقشة المسألة النووية الإيرانية مع الجانب الروسي. ووعد الرئيس الأميركي أثناء اللقاء بمراعاة المصالح الروسية في دول الاتحاد السوفياتي السابق. وقال أوشاكوف إن الجانبين تطرقا إلى الوضع في دول الاتحاد السوفياتي السابق بما في ذلك جورجيا وأوكرانيا، وإلى مدى أهمية الجمهوريتين وكل الجمهوريات السوفياتية السابقة بالنسبة الى روسيا. وفي خطاب ألقاه في كلية الاقتصاد العليا في موسكو، شدد اوباما على ضرورة تعاون البلدين لتفادي انتشار الأسلحة النووية. وقال: «إذا أخفقنا في دعم بعضنا البعض، فإن معاهدة الحد من الانتشار النووي ومجلس الأمن سيفقدان صدقيتهما وستحل شريعة الغاب محل القانون الدولي». وأكد ان «لا أميركا ولا روسيا ستستفيد من سباق تسلح نووي في شرق آسيا أو الشرق الأوسط، لذلك علينا أن نتّحد في معارضة جهود كوريا الشمالية لتكون قوة نووية ومنع إيران من الحصول على سلاح نووي».