عادة ما يتوجّه، كل يوم، أطفال وأمهاتهم الى عيادة خاصة بالصحة في بيدوة، جنوبالصومال، بحثاً عن علاج لأمراض مختلفة، لكن الأسابيع الأخيرة شهدت تدفق كثيرين منهم عليها، وهم يعانون سوء التغذية. وأحضرت حليمة جبريل ابنها مايوو (عامان) إلى العيادة، بعد أن سقط مريضاً، وتوقف عن تناول الطعام. كما أنه مصاب بالقيء وإسهال شديد. ويبلغ وزن مايوو ستة كيلوغرامات فقط، وهي تعادل نصف وزن أقرانه من الأصحاء. وسافرت حليمة، وهي حامل في الشهر السادس، مسافة عشرين كيلومتراً، من منطقتها الريفية لتصل إلى العيادة، بحثاً عن علاج ابنها. وقالت حليمة "جئتُ من قرية عليو مومي، حيث نعمل بالزراعة هناك، ولكن ليس لدينا حيوانات. لسوء الطالع هذا الوقت لم تكن الأمطار كافية. ابني مريض بسبب عدم توفر الغذاء. لديّ أطفال آخرون، لكنهم ليسوا مرضى مثل هذا. تركتهم مع زوجي. الوضع العام في قريتي هو أن الناس يعانون هناك". وقالت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف) إن ما يصل إلى 200 ألف طفل، دون سن الخامسة، في الصومال، معرضون لخطر الموت بسبب سوء التغذية، بينهم نحو 50 ألف طفل صومالي يعانون حالياً من سوء التغذية الحاد، ويحتاجون علاجاً سريعاً. ويُتوفّى طفل، قبل بلوغ العام الخامس من عمره، من بين كل خمسة أطفال في الصومال. وعادة ما يكون سوء التغذية عاملاً مساهماً. وفي عام 2011، أُعلنت المجاعة في أجزاء من جنوبالصومال، حيث بلغ من يحتاجون الى مساعدات غذائية نحو أربعة ملايين صومالي. وتوفي حوالي 260 ألف شخص، نصفهم أطفال تقلّ أعمارهم عن السادسة. وأضرّت ندرة المطر بالمحاصيل الزراعية في الصومال، وقال مسؤولون طبيون في العيادة، إنهم يرون زيادة في حالات إصابة لأطفال بسوء التغذية يومياً. ومن بين نحو 400 طفل مصاب بسوء تغذية متوسط، يعاني ستة من سوء تغذية حاد، ويصابون بمضاعفات طبية أخرى. ومن هؤلاء الرضيع محي الدين شريف (18 شهراً)، الذي نُقل إلى مستشفى بيدوة الإقليمي. فحين مرض محي الدين، سعت أمه حليمو مادي لعلاجه لدى معالج تقليدي محلي، نظراً لعدم وجود منشأة طبية قريبة. لكن حين تدهورت صحته، لم تجد أمه مفراً من الذهاب به إلى المستشفى في بيدوة، التي تقع على بعد نحو 100 كيلومتر من بيتها. وفي المستشفى، يتلقى الأطفال حليباً مقوياً ومكسرات ومعجون فول سوداني، لعلاج سوء التغذية الحاد، بالإضافة الى العلاج الدوائي. ومن جهة أخرى، يعلّم المستشفى الأمهات كيفيّة رعاية أطفالهن صحياً، وأهمية إرضاعهن طبيعياً، بالاضافة إلى تغذيتهم بشكل متوازن. وفي أيار (مايو)، حذّرت الأممالمتحدة من أن 200 ألف طفل، دون سن الخامسة، في الصومال، يواجهون خطر الموت بنهاية عام 2014، بسبب سوء التغذية الحاد، إذا لم يتلقوا مساعدة علاجية لإنقاذ حياتهم.