تمنح قصة شفاء الطفل الصومالي منهاج جيدي فرح، 7 أشهر، الأمل في إنقاذ 640 ألف طفل يعانون من أمراض سوء التغذية، بسبب أسوأ جفاف ومجاعة تضرب الصومال منذ 60 عاماً، فصورة "منهاج" المفزعة والمذهلة، التي تناقلتها وكالات الأنباء، وصارت شعار المجاعة، بوجهه الواهن، والعينين الواسعتين تطلان من محجريهما، بجوارها الآن صورته بعد الشفاء، لتصبح رمزاً للأمل في نجاة ملايين الأطفال الصوماليين. وقالت وكالة "أسوشيتد برس" في تقرير لها: منذ 10 أيام كان الطفل الصومالي منهاج جيدي فرح، 7 أشهر، شديد الضعف حتى أنه لا يستطيع البكاء، يتكوم جلده النحيف طيات تحت يد أمه وهي تحاول الإمساك به، أما الآن فيؤكد الأطباء أن منهاج الذي يعاني من سوء تغذية حاد، قد خرج من مرحلة الخطر، ولن ينضم ل29 ألف طفل ماتوا بسبب المجاعة. وقال التقرير: إنها قصة نجاح نادرة، خرجت من وسط البؤس غير العادي، الذي يلاقيه الآباء في أكبر مخيمات اللاجئين، حتى أن الأب كان يدفن بناته اليوم، ليعود ويدفن أخيهم في اليوم التالي.
وكان الطفل منهاج، يزن نحو 3.2 كيلوجرامات، حين وصل إلى مستشفى لجنة الإنقاذ الدولية بالمخيم، والآن أصبح وزنه 3.8 كيلوجرامات، ويقول الدكتور جون كيوجورا الذي يعالج منهاج "إن حالته مستقرة ويتعافى من سوء التغذية الشديد الذي كان يعاني منه". وقال التقرير: لقد أصبحت صورة الطفل "منهاج" المفزعة والمذهلة شعار أسوأ مجاعة تضرب الصومال منذ 60 عاماً، بوجهه الواهن، والعينين الواسعتين تطلان من محجريهما، وعصوين أشبه بذراعين وخدود غائرة، الآن أصبح "منهاج" رمزاً للأمل في النجاة لملايين الأطفال الصوماليين، وصار وجهه قبلة عدسات التصوير. وترى أمه، عائشة داجان، أن إنقاذ "منهاج" كان معجزة من الله، وشهادة على الجهود التي يبذلها الأطباء وفريق التمريض المعالج في مخيمات اللاجئين، ومع وصول عدد هائل من الأطفال الذين لم يلقوا حتفهم من الجوع والعطش على الطريق الطويل اللاهب والجاف بين الصومال وكينيا. وتقول عائشة "إن منهاج لا يعاني مشاكل الآن"، وتبتسم الأم وتقبل طفلها وهي تضيف "إنه ينام معظم الليل الآن، وحين يستيقظ يكون جوعان ويطلب اللبن". ويقول التقرير: إن معظم الآباء لم يواتهم حظ أم "منهاج"، فعند وصولهم لمخيم داداب بكينيا، وصف بعضهم كيف فقدوا ثلاثة أو أربعة أطفال في الطريق، بينما يصف آخرون مأساتهم، عندما قرروا في لحظة لا يتخيلها بشر، كيف اضطروا لترك طفل يحتضر تحت شجرة على الطريق، من أجل الإسراع بإنقاذ بقية إخوته.
ويروي التقرير، مأساة الأب محمد سورو، 27 عاماً، الذي دفن ابنته "لين" التي توفيت مساء أمس من سوء التغذية الحاد، بعد وصول الأسرة بها متأخرين، فلم يستطع الأطباء إنقاذها، كان الأب يجلس بجوار قبر ابنته يبكي، ومن حوله يحاولون مواساته، وعلى الجانب الآخر من القبر، تجلس الأم وهي تروي من بين دموعها "إنني مصدومة بموت ابنتي، لقد وصلنا إلى المعسكر، لكن أمر الله نفذ، ولم يستطع الأطباء إنقاذها، لقد افترسها المرض وهي بين أيدينا، لا نستطيع أن نفعل لها شيئاً". ولا تختلف هذه المأساة عن مآسٍ عديدة في معسكر "داداب" في كينيا، فقد دفن "مايو عدن علي" ثلاثة من أطفاله الستة، خلال يومين فقط.
ويقول التقرير، إن المأساة مستمرة، فوفاة 29 ألف طفل، أقل من خمس سنوات، خلال 90 يوماً فقط، ليس نهاية للمجاعة والجفاف في الصومال، لأنه وحسب إحصائيات الأممالمتحدة، هناك 640 ألف طفل يعانون من أمراض سوء التغذية، وهو ما يهدد بارتفاع معدلات الموت بينهم في الأسابيع القادمة، ويؤكد أن جهوداً عظيمة يجب أن تبذل. إن الطريق لا يزال طويلاً، لإنقاذ أطفال الصومال.