يدخل العراق في خيارات صعبة بسبب غياب السلطة التشريعية عن سن وتشريع قوانين أساسية بينها قانون «الموازنة الاتحادية» لعام 2011 التي يُفترض أن تقدمها الحكومة الجديدة مطلع الشهر المقبل فضلاً عن مشاريع قوانين مهمة معطلة منذ شهور. وعلى رغم إعلان نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة في أيار (مايو) الماضي، التي أفرزت فوز 325 نائباً، إلا أن البرلمان استمر معطلاً وتم تأجيل جلساته حتى التوافق على الرئاسات الثلاث بصفقة واحدة (الجمهورية والوزراء والبرلمان) وأثبتت الشهور الخمسة الأخيرة صعوبة تحقيقها عملياً. وحذرت نائبة رئيس اللجنة القانونية في البرلمان السابق إيمان الأسدي من خطورة استمرار تعطيل عمل البرلمان الجديد، وقالت ل «الحياة» إن «هناك فراغاً قانونياً وتشريعياً كبيراً في البلاد يتمثل في عدم إقرار أي قانون أو تشريع منذ أكثر من ثمانية شهور في وقت هناك حاجة متواصلة لإقرار تشريعات». وأضافت أن «هناك مشاريع قوانين مهمة لا تحتمل التأجيل تنبغي مناقشتها مثل مشروع الموازنة الاتحادية ومجموعة من مشاريع قوانين مؤجلة لم ينجح البرلمان السابق في إقرارها مثل قوانين النفط والغاز والتعديلات الدستورية وقانون رواتب المتقاعدين فضلاً عن العشرات غيرها». ولفتت الى أن «على البرلمان الجديد عقد جلساته وملاحقة الحاجة الى إقرار القوانين التي تمس الواقع سياسياً وأمنياً واقتصادياً وبعكسه فان نتائج ذلك ستكون كارثية وستلقي بظلالها على الأزمة السياسية الحالية». ويشير الموقع الرسمي للبرلمان الى وجود أكثر من 150 مشروع قانون كان من المفترض أن يقرها البرلمان السابق إلا أنه تمت إحالتها الى البرلمان الجديد الذي لم يعقد سوى جلسة واحدة اتصفت بالبروتوكولية جرى خلالها جعل الجلسة مفتوحة حتى إشعار آخر. وحذر نائب رئيس اللجنة المالية في البرلمان السابق إسماعيل شكر من استمرار تعليق جلسات البرلمان، مشيراً الى أن من الضروري إقرار الموازنة الاتحادية للعام المقبل في أسرع وقت. وأضاف أن «هناك مخاوف من تأخر إقرار موازنة العام 2011 بسبب عدم وجود حكومة تعنى بإعداد الموازنة العامة حتى الآن خصوصاً أن إعداد الموازنة ليس اختصاص الحكومة الحالية بل المقبلة». وأوضح أن «الموازنة السنوية تعرض على البرلمان في أيلول (سبتمبر) لتناقش وتُقر بعد تعديل بعض بنودها قبل نهاية كل عام». وغالباً ما يشهد إعداد الموازنات المالية للبلاد وإقرارها تأخيراً من قبل الحكومة والبرلمان بسبب كثرة الاعتراضات والانتقادات على بعض فقراتها أبرزها أوجه الصرف والمخصصات المالية لبعض المؤسسات الحكومية والرئاسات الثلاث. وطالب القيادي في ائتلاف «العراقية» جمال البطيخ بضرورة تفعيل عمل البرلمان المنتخب وعدم تعطيل جلساته، مشيراً إلى أن ذلك «يمثل خرقاً للدستور ومصادرة لحق البرلمان في حل الأزمة السياسية». وقال ل «الحياة» إن «النظام السياسي في العراق برلماني تنبثق السلطة التنفيذية منه، وبالتالي فإن البرلمان صاحب الحق في مناقشة الأزمات السياسية وحلها من خلال جلساته وبحضور الأعضاء». واعتبر أن «إصرار البعض على مصادرة حق العراقية في تشكيل الحكومة باعتباره استحقاقاً انتخابياً هو أصل الأزمة السياسية، كون انتخاب الرئاسات الثلاث يجب أن يتم بصفقة واحدة». ويجب أن يبدأ عمل الدورة التشريعية الجديدة فور انتهاء الانتخابات بفترة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع. وفوت البرلمان الجديد فصلاً تشريعياً، وهو أمر مرشح للزيادة لجهة الخلافات المستحكمة بين القوى السياسية في شأن تسمية مرشحي الرئاسات الثلاثة، خصوصاً رئاسة الحكومة. وبحسب النظام الداخلي للمجلس، فإن له «دورة انعقاد سنوية بفصلين تشريعيين أمدهما ثمانية شهور يبدأ أولهما مطلع آذار (مارس) وينتهي في الثلاثين من حزيران (يونيو)، ويبدأ ثانيهما في الأول من أيلول (سبتمبر) وينتهي في الثلاثين من كانون الثاني (يناير). وعقد البرلمان الجديد جلسته الأولى في 14 حزيران (يونيو) الماضي لاختيار هيئة رئاسة، لكن القوى السياسية أرجأت ذلك بسبب عدم التوافق بينها وتقرر جعل الجلسة مفتوحة. ويعد تعطيل جلسات البرلمان خرقاً لنظامه الداخلي الذي لم يتضمن أي إشارة إلى إبقاء الجلسات مفتوحة. وفي اربيل (أ ف ب) قال النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان إن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني اقترح مبادرة جديدة للخروج من أزمة تشكيل الحكومة تتضمن تقليص صلاحيات رئيس الوزراء. وقال لوكالة «فرانس برس» أمس: «يجب أن يكون التركيز ليس فقط على موضوع رئيس الوزراء انما على التوافق الوطني وتوضيح مبدأ الشراكة وتقسيم المناصب وتقليل صلاحيات رئيس الوزراء حتى يمكن أن نصل الى حكومة تستطيع أن تحل مشاكل البلد».