هل نحن متفائلون أكثر من اللازم عندما نسمع تصريحات من أعلى مسؤولين في الشأن الثقافي، خصوصاً عندما نسمع تصريحات لوزير الثقافة قبل فترة بأن الوزارة على استعداد للإشراف على السينما في أي وقت، إضافة إلى الجهود التي تبذلها الجهات الرسمية في دعم الثقافة والفنون في داخل المملكة، خصوصاً في المناسبات الوطنية والإجازات، مثلما حدث في الأسبوع الماضي خلال إجازة الربيع من حراك ثقافي في بعض المناطق. ولكن يبدو أننا مخطئون بهذا الحراك الثقافي والفني، لأن هناك جهات رسمية وجماعات المحتسبين تقف بالمرصاد لهذه الفعاليات، وتُملي شروطها على الجهات المنظمة لها، كما حدث في مسرحية «شلة الفيس»، التي نجحت وزارة الثقافة والإعلام، وهي من نظم الفعاليات الثقافية في الأسبوع الماضي في منطقة حفر الباطن، بعرض تلك المسرحية في يومها الأول، ولكن، مع الأسف، تم منعها من العرض الثاني بسبب ما رفعته هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى الحاكم الإداري، مدعين بأن هناك تجاوزات في المسرحية، معترضين على الموسيقى المصاحبة، ولا أعرف ماذا يريدون أن يحل بدل الموسيقى في العمل المسرحي، هل يودون أن تكون مسرحية صامتة حتى يُجيزوها ويسمحوا لجمهور صامت للاستمتاع بمسرحية صامتة تناقش أموراً في جزر «الواق واق»، واعتراضهم كذلك على شخصية أحد أبطال المسرحية بسبب هيئته الدينية، ولكن يبدو أنهم فوق النقد في مسرح لا يزال يواجه الكثير من المعوقات، ويأتي من يريد أن يكون المسرح لدينا أداة في تجميل صورة قبيحة لبعض المجموعات، أي أنهم يريدون أن يستخدموه أداة للتلميع والتجميل، عكس وظيفة الفنون، خصوصاً المسرح، الذي يعمل على نشر الوعي النقدي لأوضاع أي مجتمع. الغريب أن نص المسرحية مجاز من الجهة المختصة، وهي وزارة الثقافة والإعلام، والمسرحية نفسها إحدى فقرات البرنامج للفعاليات الثقافية في منطقة حفر الباطن، أعتقد أن هناك خللاً بين الأجهزة الرسمية، فالهيئة وبعض المحتسبين أعتقد أنهم أبعد جهة يمكن أن تقيم أو تحكم على عمل مسرحي، لأن البعض منهم أصلاً يعتقد بحرمة الفن، فكيف نطلب التعاطي مع مسرحية تُعنى بالشأن المحلي، وحتى لا يكون هناك خسائر مادية وإضاعة للجهود والسفر لطاقم تلك المسرحيات، يجب أن يكون هناك عروض خاصة في العاصمة لبعض أعضاء الهيئة قبل أن تبدأ رحلتها في العرض للجمهور العام، إنها حال محبطة أن نصل إلى هذه الدرجة من الانغلاق الفكري، على رغم الجهود المبذولة من بعض الجهات الرسمية الأخرى، التي بالفعل تعمل على نشر الثقافة والفنون والحوار، وعلى رأسها وزارة الثقافة، التي أضيفت إلى وزارة الإعلام، بل إنها جعلت الأولى قبل الإعلام في دلالة على مشروع ثقافي رسمي ولكن الوزارة، على رغم جهودها الحثيثة إلا أنها تصطدم بهذه الثقافة الرافضة للانفتاح، وتؤمن بأحادية التفكير المنغلقة. مركز الحوار الوطني يسعى جاهداً لنشر ثقافة الحوار ونشر الثقافة والفنون، ومن ضمنها المسرح والسينما من أدوات تلك الاستراتيجية التي يجب أن يدفع بها، وعدم ترك فئة معينة تنفرد بتشكيل ثقافة المجتمع، لأن هذا ضد طبيعة الأشياء. عندما قرأت خبر منع مسرحية «شلة الفيس»، أعتقد أن هناك فرقاً مسرحية عالمية للبالية مقبلة من موسكو، أو باريس، أو من شارع «البروود وي» في نيويورك إلى منطقة حفر الباطن، لكن أن يأتي ممثلون محليون يعملون في ظروف صعبة منذ سنوات، ويعرفون المحاذير، وكذلك لا يوجد عنصر نسائي، وهو مهم في العمل المسرحي، على رغم كل ذلك لم يعجب ذلك بعض المتشددين الذين فرضوا على مواطنين في منطقة بعيدة من المدن الرئيسة في المملكة من حضور عمل مسرحي في مدينتهم، هل عليهم وعلينا السفر إلى الدول المجاورة لحضور مسرحية بعيدة من همومنا وقضايانا الداخلية؟! [email protected] twitter | @akalalakl