اتجه زعماء الاتحاد الأوروبي أمس إلى المصادقة على معاهدة الاستقرار المالي والحاكمية الاقتصادية، التي ستمكن دول الاتحاد باستثناء بريطانيا من ممارسة رقابة مشتركة على موازنات الدول الأعضاء. وفيما سعى قادة الاتحاد من خلال المعاهدة إلى طي صفحة انعدام استقرار منطقة يورو، تلبّدت الآفاق باستمرار مشكلة الديون اليونانية. وساهمت تصريحات أطلقها المسؤولون في برلين حول وضع اليونان «تحت وصاية أوروبية» في زيادة توتر أجواء القمة. ورأى وزير المال الألماني وولفغانغ شوبل في تصريحات نشرت أمس، أن من المفيد أن «يبحث الاتحاد وشركاؤه في سبل دعم اليونان في هذه المهمة الصعبة بصفة وثيقة». وتجري حكومة اليونان مفاوضات شاقة منذ أسابيع مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي حول خطة الدعم الثانية التي قررها الاتحاد في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي من خلال تزويد أثينا بقروض قيمتها 130 بليون يورو في مقابل إصلاحات جوهرية. وفي حال عجزت عن تسديد قيمة 14.5 بليون في الأسابيع المقبلة، يمكن أن تجد نفسها في وضع إفلاس تام». دعم الوظائف وأطلق الزعماء إشارات أمل في اتجاه الأوساط الاقتصادية والاجتماعية، من خلال توصيات دعم توظيف الشباب وتعزيز نشاطات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وذكرت المفوضية الأوروبية في بيان، أن الوضع الاقتصادي «تحسّن هذا الشهر، وهو الإشارة الإيجابية الأولى التي تبرز في منطقة يورو منذ الربيع الماضي». ولفتت إلى «ارتفاع مؤشر ثقة أرباب المؤسسات إلى 93.4 في منطقة اليورو في الشهر الأول من هذه السنة، بعدما بلغ 92.8 في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وسجلت زيادة الثقة في قطاع الخدمات وإلى حد ما في صفوف المستهلكين. كما ارتفع مؤشر الثقة في ألمانيا (2.3) وإسبانيا (1.8 نقطة) بينما انخفض في فرنسا (-2.1 نقطة) وإيطاليا (-1.1 نقطة) وهولندا (نقطة واحدة). وصادقت القمة الأوروبية على معاهدة جديدة، تهدف إلى تعزيز أدوات ضبط الموازنات العامة في دول منطقة اليورو، إذ تمثل أحد سبل التحكم في الديون السيادية التي هددت أسس الاتحاد ككل. وتسمى المعاهدة الجديدة «معاهدة الاستقرار، التنسيق والحاكمية الاقتصادية والنقدية». وقعتها 26 دولة من أصل 27 هم أعضاء في الاتحاد. وتنفرد بريطانيا بمعارضة المعاهدة ولم توقع عليها. وتستجيب المعاهدة رغبة الدول التي تقيدت بالانضباط المالي وتحديداً ألمانيا، التي وضعت المصادقة على مقتضيات التحكم الجماعي في موازنات الدول الأعضاء شرطاً أسياسياً لمواصلة التضامن ومساعدة الدول التي تعاني ضيقاً شديداً على الصعيد المالي. سقف للعجز وتتضمن المعاهدة شرط تقيد الدول الأعضاء، بألا يتجاوز العجز سقف 0.5 في المئة من الناتج المحلي الخام، وفق شروط الاتحاد النقدي، باستثناء الظروف الطارئة. ووصف هذا الشرط ب «القاعدة الذهبية»، لأنه سيضمن المراقبة الجماعية على موازنات كل من الدول الأعضاء. كما تسمح المعاهدة الجديدة للدول، التي تقع ديونها تحت سقف 60 في المئة من الناتج المحلي، أن «يرتفع العجز فيها إلى واحد في المئة. وتلتزم كل من دول المعاهدة وضع «آلية تصحيح آلي» يمكن تحريكها عندما تنحرف الموازنة أو تتجاوز السقف المحدد «وشرط تصحيحها في أجل محدد». ويُفضل إدراج القاعدة ضمن مقتضيات الدستور لكن الشرط ليس ملزماً. وكانت ألمانيا طالبت بشرط إدراج «القاعدة الذهبية» في الدستور، لكنها اضطرت إلى التراجع أمام خطر رفض الناخبين التعديلات المقترحة في الدول التي لا يمكنها تعديل الدستور من دون إجراء استفتاء. وتمنح معاهدة الاستقرار والحكومة المالية والنقدية إلى محكمة العدل الأوروبية صلاحيات مراجعة مدى تقيد الدول الأعضاء بشروط ضبط الموازنة واقتضاء تغريم الدولة التي لا تلتزم شروط المعاهدة. ويمكن أياً من الدول الأعضاء أو مجموعة من الدول تقديم الشكوى إلى المحكمة في حق أحد الأعضاء والمطالبة بتغريمه. ويمكن أن تصل الغرامة إلى واحد في المئة من الناتج المحلي. وسعت ألمانيا في بداية المفاوضات إلى أن تعاقب المحكمة الدولة المخلة من دون تقديم شكاوى في حقها. لكن اصطدمت بمعارضة فرنسا التي تواجه صعوبات مالية كبيرة. وأعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، أن تعزيز اندماج منطقة عملة اليورو يقتضي على سبيل المثال «تمكين محكمة العدل من مراقبة الموازنات الوطنية في شكل أوثق». وتقتضي معاهدة الاتحاد النقدي (معاهدة ماستريخت) ألا يتجاوز عجز الموازنة العامة 3 في المئة والديون السيادية 60 في المئة والتحكم في التضخم المالي إلى أدنى مستوى. وستتعرض الدول التي تتسيب في الإنفاق العام وتتجاوز سقف 3 في المئة إلى عقوبات آلية تقريباً. ساركوزي وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي استغل مقابلة تلفزيونية، لشرح تفاصيل الإجراءات الهادفة إلى تعزيز التوظيف والقدرة على المنافسة، والتي يأمل بأن يقرها البرلمان الفرنسي قبل انتخابات الرئاسة في نيسان (أبريل) المقبل. وأعلن «رفع قيمة الضريبة على القيمة المضافة من 19.6 في المئة إلى 21.2 في المئة بدءاً من تشرين الأول (أكتوبر)، لتمويل خفض في الرسوم الاجتماعية على الشركات».