تراجع الفرقاء السياسيون في مصر خطوة في اتجاه التوافق على مخرج لمعضلة «تسليم السلطة فوراً» من المجلس العسكري للمدنيين، فيما اندلعت اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو) ومجهولين خلفت عشرات الجرحى وزات من حدة الشعارات ضد المجلس العسكري. في الوقت الذي سجل فيه إقبال ضعيف على الاقتراع في المرحلة الاولى لانتخابات مجلس الشورى، والتي بدأت امس. وألقى الساسة بالكرة في ملعب العسكر لإنهاء الخلاف حول ترتيبات نقل السلطة، إذ طرح الثوار شعار «الرئيس أولاً» حلاً للأزمة يقضى بانتخاب رئيس الجمهورية قبل وضع الدستور، وهو اقتراح يتوقع أن يجتذب تأييداً واسعاً من مختلف التيارات السياسية، على عكس طلب تسليم السلطة لرئيس البرلمان المنتخب الذي عارضته القوى الإسلامية وبعض المحسوبين على التيار المدني. كما أبدت جماعة «الإخوان المسلمين» مرونة إزاء الطرح الجديد، فلم تؤيده لكنها لم ترفضه صراحة، ما يوحي بإمكان التوافق حوله. وأطلقت حركة «مصرنا» التي أسسها الناشط وائل غنيم وتضم ائتلافات شبابية عدة، دعوة لتنظيم مليونية يوم الجمعة المقبل باسم «الرئيس أولاً»، للمطالبة بانتخاب الرئيس قبل وضع الدستور، على اعتبار أن «وضع الدستور في ظل حكم العسكر قد يسمح لهم بممارسة ضغوط لتأمين ميزات للقوات المسلحة في الدستور الجديد». وكسبت الدعوة تأييداً من قوى فاعلة في أوساط الشباب الذين ملأوا الفضاء الالكتروني ببيانات تتحدث عن أن الإعلان الدستوري الذي أيده الشعب في استفتاء آذار (مارس) الماضي كان يوجب على المجلس العسكري انتخاب الرئيس قبل وضع الدستور، لكن الإعلان جاء في صياغته النهائية مخالفاً لهذا الطرح. وأبدى «ائتلاف شباب الثورة» انفتاحا على هذا الطرح. وقال القيادي فيه خالد السيد إن الائتلاف سينظم مسيرة غداً باتجاه البرلمان لمطالبته بتشكيل لجنة من أعضائه لوضع ضوابط وإجراءات انتخاب الرئيس الجديد على أن يتم فتح باب الترشيح للانتخابات في 11 شباط (فبراير) المقبل (ذكرى تنحي الرئيس حسني مبارك). كما تبنى أكثر من 20 حركة وائتلافا شبابيا هذا المطلب. في المقابل، اعتبرت جماعة «الإخوان المسلمين»، التي طالما أكدت تمسكها بخريطة الطريق التي وضعها العسكر وتقضي بانتخاب الرئيس بعد وضع الدستور، أن «كل خيار له مزايا وعيوب». واستغرب الناطق باسم الجماعة محمود غزلان تغيير مواقف القوى المدنية التي روجت أثناء الاستفتاء على التعديلات الدستورية ل «الدستور أولا». وأوضح ان «الدستور أولا من شأنه انتخاب رئيس بصلاحيات دستورية محددة لكن سيتم إعداده في ظل سيطرة المجلس العسكري الذي ظهر أن له تطلعات يتمنى تضمينها في الدستور تجعل من الجيش دولة داخل الدولة، وهذا أمر مرفوض». وأضاف: «أما خيار الانتخابات أولاً فميزته أنه يضمن صياغة الدستور من دون سيطرة للجيش، لكن يعاب عليه أن الرئيس سيأتي بصلاحيات واسعة جدا قد تخلق منه ديكتاتورا جديدا». ولاحظ ان «البعض يقول أن الإعلان الدستوري تضمن مواد تتعلق بشروط انتخاب رئيس الدولة ومواصفاته، وهي لم توضع عبثاً، وبالتالي كان في الأفق إجراء الانتخابات قبل الدستور وهي وجهة نظر مقدرة ولا نعارضها وإن كنا نرى أنه لو تبددت المخاوف من ممارسة العسكر ضغوطاً لتحقيق مكاسب في الدستور الجديد يكون خيار الدستور أولاً أفضل». وعلم أن المجلس العسكري يبحث في هذا الخيار «إن كان يمثل مخرجاً من الأزمة الحالية». وأفيد بأن المجلس الاستشاري طرح هذا الأمر أثناء اجتماع مع المجلس العسكري أول من أمس وطلب من أعضاء الاستشاري دراسات في هذا الصدد. ميدانياً، اندلعت اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين أمام مقر اتحاد الاذاعة والتلفزيون على كورنيش النيل ومجهولين تضاربت الروايات حول اسبابها. وسمع دوي إطلاق نار في محيط المنطقة، واكتفى جنود الجيش بالتمركز خلف المتاريس المنصوبة أمام مبنى التلفزيون من دون أي تدخل. وسقط عشرات الجرحى في الاشتباكات. وانطلقت أمس المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشورى في 13 محافظة، وسط إقبال ضعيف من الناخبين عزاه الجميع إلى «انعدام صلاحيات مجلس الشورى ما أدى إلى غياب حماسة المصريين»، فيما بدت المنافسة إسلامية – إسلامية بامتياز.