تحظى إمارة الشارقة ذات الملامح الاستقراطية بشعبية واسعة على المستوى العالمي، وتعد مساجدها ومتاحفها التي فتحت أبوابها للزوار علامة بارزة في شكل يدعو للتعجب من هذه الإمارة التي استطاعت جذب المثقف العربي لها كمنصة لا يكمن تجاوزها، وتواصل الإمارة حالياً سعيها نحو استحقاق ألقاب عالمية، بعد حصولها على لقب عاصمة الثقافة الإسلامية، فستتوج العام المقبل عاصمة للسياحة العربية، ثم في العام الذي يليه كأفضل بيئة صحية نتيجة لاستيفائها 80 في المئة من الشروط، لتواصل الإمارة نجاحاتها اللافتة على مستوى الوطن العربي والعالمي وتحقيق ما يفوق النجاح. وحول نشاط الشارقة الثقافي والاجتماعي الملحوظ خلال السنوات الماضية، أكد رئيس مركز الشارقة الإعلامي سلطان القاسمي في حديث إلى «الحياة»، إن «المجلس الرمضاني»، الذي تنظمة الشارقة خلال شهر رمضان، يكمل منظومة البرامج والأنشطة الثقافية ضمن معرض «إكسبوا الشارقة» الذي يأتي تحت مظلة عاصمة الثقافة الإسلامية، ويضم معظم النشاطات الثقافية، وكشف قائلاً: «وجدنا أن في إضافة هذا المجلس فرصة لفتح باب الحوار مع الآخر، لنستفيد من بعضنا بعضاً، فاستضفنا أسماء سعودية منهم الإعلامي تركي الدخيل، وإذا لم يكن هناك سعوديون على المنصة فهم خلفها بين الحضور، كذلك يضم المجلس معرض الكتاب الإسلامي، والمصاحف المملوكية، ويصاحب الأنشطة الثقافية جانب الترفيه». ووصف القاسمي حدود مشاركة المرأة ب«اللامحدودة»، وأضاف: «شاركتنا وزيرة الثقافة الأردنية، وكانت من أفضل المشاركات بالنسبة لي، وستكون بيننا المرأة الإماراتية، ونحن لا نركز على مشاركة الأشخاص بقدر تركيزنا على مضمون جلسة الحوار، إذ تعودنا على مشاركة المرأة ولم يكن الأمر غريباً». وذكر أن رؤية إمارة الشارقة للثقافة تنحصر في كونها «كانت ولا تزال عاصمة للثقافة الإسلامية»، واستدرك: «في كل عام تطور من نفسها لتحقق مكانتها على خريطة الثقافة العالمية، وحين حصلت الإمارة على لقب عاصمة الثقافة العربية في العام 98، بنت المتاحف ووضعت بصمتها في مجال الثقافة الإسلامية بشكل متنوع، وبذلك لم يأت استحقاقها للقب عاصمة الثقافة الإسلامية من فراغ إنما لأنها إمارة تستحق، وذلك يعود للدور الذي لعبه حاكم الشارقة في إبراز الوجه الثقافي للإمارة من خلال معارض الكتاب، والخط العربي، والفنون، وما يخص الثقافة. إن الشارقة اليوم لا تختص بالثقافة الإسلامية فحسب، بل تحاول من خلال مخزونها نقل ثقافتها لجميع أنحاء العالم»، مشيراً إلى أن «الثقافة أصعب شيء يمكن الترويج له، وذلك بخلاف السياحة والبناء، لكون الثقافة تُفهم ولا يروج لها، والشارقة نجحت في هذا المجال». ورأى القاسمي في بناء الكنائس «ثقافة تسامح»، موضحاً: «ثقافة تسامح الأديان تعني أن يعيش الناس في جو واحد بغض النظر عن التوجه الديني، وذلك ليس جديداً على الإسلام، وتعتبر الإمارات مقراً للعديد من الديانات والجنسيات، ووجدت الكنائس وأماكن العبادة لراحة الموجودين، وهي ثقافة مجتمع، ربما لا تكون ثقافة إسلامية أو ثقافة الشارقة نفسها، لكن توفيرها هذا المطلب للجميع يعتبر ثقافة تسامح من الإمارات». ومن جهة أخرى، عزا تطور الشارقة ل«استمراريتها». لافتاً إلى أنها «أثبتت استحقاقها للقب عاصمة الثقافة الإسلامية هذا العام بعد حصولها على لقب عاصمة الثقافة العربية في العام 98، كما تسعى في العام القادم لتكون عاصمة السياحة العربية، وفي العام الذي يليه مدينة صحية على مستوى العالم لكونها مستوفية ل80 في المئة من الشروط، ومن ضمنها توزيعها الجغرافي، وطريقة توزيع المدارس والتثقيف الصحي وغيرها، إذ لا يوجد مستوى معين للنجاح، وكل عام يتوج نجاح بنجاح آخر، وخير دليل على ذلك إصرار الحاكم واهتمامه بالثقافة، ويعتبر معرض الكتاب رابع أكبر معرض على مستوى العالم، فحيث تكون هناك ثقافة يكون هناك اقتصاد ومجتمع وتطور وازدهار في كل المجالات». وعلّق القاسمي على استقطاب الشارقة للمثقف الخليجي، وإن كان الربيع العربي في بعض البلدان العربية سبباً في سحبهم لبساط الثقافة، فقال: «نحن نطلق على الشارقة العاصمة الثقافية للإمارات، وكل من يتحدث عن الثقافة في الإمارات فسيكون للشارقة بصمتها، وكذلك لها حضورها في الخارج، كما تركز الإمارة على دائرة الثقافة والإعلام التي تعد من أكبر الدوائر الحكومية فيها، وذلك يظهر جلياً في الدوائر الأخرى والمجتمع، والتعامل في الإمارة، ونستفيد من الثقافات الأخرى من خلال اتصالانا بدول خليجية وعالمية في مجال الثقافة، ففي أيام الشارقة الثقافية نستقطب ثقافات أخرى ونركز عليها أكثر من أي شيء آخر، لكننا لا ندعي أننا أصحابها». وحول إمكان صنع مشروع ثقافي يفوق «عناقيد الضياء» ضخامة أفاد: «عناقيد الضياء قدم لنا خدمة كبيرة، ولم نتوقع هذا النجاح والحضور الذي فوجئنا به»، وقال مداعباً: «قلنا لربما بعنا التذاكر بسعر رخيص!»، مستدركاً أن المسرحية «هي فكرة حاكم الشارقة لكون الإمارة عاصمة الثقافة الإسلامية، حينها خرجت العديد من الأفكار، وبعد مشاورات عدة مع الحاكم وجدنا أن قصة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام كانت أفضل ما نتحدث عنه، ومن خلاله كبرت الفكرة، وأنشأنا المسرح وسط الجزيرة خلال أربع أشهر بقيمة 120 مليوناً، ليكون جزءاً من هذا العرض الذي يستوعب 4 آلاف مشاهد، واتصل الحاكم بصديقه الشاعر عبدالرحمن العشماوي وطلب منه قصيدة طويلة كتبها عن الرسول ليطورها وتكون خاصة بإمارة الشارقة، وحين تسلّمنا القصيدة تواصلنا مع الأستاذ خالد الشيخ للبدء بالعمل الذي وضع له الحاكم موازنة مفتوحة»، وأوضح أن المردود ليس مادياً «إنما رسالة من إمارة الشارقة إلى العالم بأجمعه، لترسيخ التسامح في الدين بطريقة مختلفة، لكون المسارح والأفلام أكثر تأثيراً. إن النجاح من وراء عناقيد الضياء دفع آخرين للتواصل معنا، وطلب عرضها في أماكن أخرى ونحن نفكر في الأمر من خلال دعوات جاءتنا من دول إسلامية وغير إسلامية، والاتصال جارٍ بيننا وبينهم في آلية لتطوير العمل وعرضه في تلك الدول، فيما سيستقبل مسرح عناقيد الضياء الأعمال الكبيرة بمستوى عناقيد الضياء وأفضل». وحول لقب عاصمة السياحة العربية قال: «نحن لسنا أكثر إمارة تستقطب السياح، لكن زوارنا متخصصين، ولقب عاصمة السياحة العربية جاء منهم، وربما التنوع في إمارة الشارقة هو أحد أسباب اختيارهم لها، وحتى نهاية العام أمر الحاكم أن يكون عدد المساجد ألف مسجد، ولدينا كذلك التنوع الجغرافي، كما أن للجمعيات الثقافية دوراً كبيراً في التنشيط، إضافة إلى وجود أكبر مدينة جامعية وجامعات على مستوى العالم العربي، وذلك يصب في تنمية الثقافه في المجتمع».