شهدت العاصمة الجزائرية أمس افتتاح المؤتمر التأسيسي لأول حزب سياسي يُرخص بعقده مند أكثر من عشر سنوات. وعقد حزب «الحرية و العدالة»، الإسلامي الاتجاه وأحد الأحزاب العشرة الجديدة التي حصلت على ترخيص من السلطات الجزائرية ويقوده الديبلوماسي السابق محمد السعيد، مؤتمرَه أمام حشد جماهيري كبير في حضور شخصيات سياسية تقدمها الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة علي كافي والوزير الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي. وبدا المؤتمر التأسيسي للحزب حدثاً غير مسبوق في تاريخ الجزائر المعاصر، قياساً لعزوف طويل من السلطة في رفض اعتماد أحزاب جديدة بمبرر «حالة الطوارئ». وغصت قاعة في الضاحية الغربية للعاصمة بمئات المندوبين الولائيين والمتعاطفين مع محمد السعيد، مرشح الرئاسيات السابقة، كما حضر الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي وزير الخارجية الأسبق. واستعرض القائمون على المؤتمر حشوداً من الجماهير ورفعوا شعارات التغيير ودولة القانون. وستستمر أعمال المؤتمر على مدار يومين، ويختار المؤتمر اليوم، قيادات الحزب التي ستتولى تسيير شؤونه حتى انعقاد المؤتمر الاستثنائي للحزب الذي سيتم عقده في حال الحصول على الاعتماد من المصالح المختصة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية. وأكد منسق الهيئة التأسيسية للحزب محمد السعيد في كلمة افتتاح المؤتمر، أن تشكيلته السياسية ستكون مبنية على محاور عدة، أهمها بناء دولة المؤسسات والقانون والعدالة الاجتماعية والحداثة السياسية والنجاعة الاقتصادية. ودعا السعيد مناضلي حزبه إلى العمل من أجل استقطاب «الكفاءات الوطنية» و «الارادات المخلصة» من أجل حشدها والإسهام بها في إنجاز «مشروع التغيير السلمي في ظل الاستقرار الوطني». وشدد السعيد على ضرورة «التوافق» حول نظام مؤسساتي يضمن «الاستقرار الدائم» للجزائر من خلال عملية مراجعة الدستور. وقال: «إن الإصلاحات السياسية المعلنة تشمل مراجعة الدستور، وتلك مهمةٌ نجاحُها رهنٌ بمدى اتساعها لتشمل أطياف المجتمع وتياراته وقواه كافة». وعن البدائل التي يطرحها الحزب، قال إنها تتمثل في دولة المؤسسات والقانون والعدالة الاجتماعية والحداثة السياسية والنجاعة الاقتصادية. ودعا إلى «العودة إلى بناء الطبقة المتوسطة (...) وانتهاج سياسة اجتماعية وتنموية تضمن التوازن الجهوي بين ولايات الوطن». وفي الشأن الدولي، وجَّه تحية باسم الحزب «إلى جميع الشعوب العربية التي هبت لانتزاع حقها في الحرية والعدالة والديموقراطية»، وقال إنه «على الأنظمة أن تدرك بأن الزمن قد تغير وبأنه يجب عليها أن تتغير معه، باعتماد أسلوب الحوار مع القوى وأطياف المجتمع كافة»، معتبراً ذلك «السبيل الوحيد الذي يهيئ أسباب الانتقال الديموقراطي السلمي ويوصد الباب أمام أي تدخل أجنبي مرفوض في الحالات كلها». ومنحت وزارة الداخلية الجزائرية الترخيص لعشرة أحزاب سياسية جديدة لعقد مؤتمراتها التأسيسية، وبات بإمكان قادة الأحزاب المعنية عقد المؤتمرات بشكل قانوني يمكنها من رفع ملف المؤتمر التأسيسي ليمنح لها في ما بعد الحق في النشاط (الترخيص). وتوزعت قائمة الأحزاب التي استوفت الشروط لعقد مؤتمراتها التأسيسية بين ثلاثة تيارات أساسية: الإسلامية والديموقراطية والوطنية. ويحسب «حزب الحرية والعدالة»على التيار الإسلامي المحافظ، الذي يتغذى من مبادئ وطنية. وستشهد الأيام الأخيرة من الشهر الجاري، عقْدَ مؤتمرات تأسيسية لثلاثة أحزاب على الأقل، وبرمجت قياداتها تلك المؤتمرات في قاعات جماهيرية كبرى. وتحاول الزعامات الجديدة إعطاء انطباع من البداية حول عمقها الشعبي، في حين برمجت الأحزاب الأخرى مؤتمراتها في الأسبوعين الأولين من شباط (فبراير) المقبل.