قالت مصادر سياسية مواكبة للاتصالات التي يجريها الرئيس المكلف سعد الحريري في شأن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة ان البحث لا يزال يدور في شكل هذه الحكومة من دون الدخول في الأسماء أو في توزيع الحقائب، وذلك على قاعدة التفاهم مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على عدم إعطاء الثلث الضامن للأقلية في البرلمان. ولفتت الى ان الموقف من الثلث الضامن محسوم ولا عودة عنه، وإلى أن دمشق كانت أبلغت الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان في زيارته الأخيرة لها، أنها موافقة على عدم إعطاء الثلث الضامن للكتل النيابية المنتمية الى الأقلية، إضافة الى ان هذا الأمر حُسم في المحادثات التي أجراها مستشار خادم الحرمين الشريفين الأمير عبدالعزيز بن عبدالله في دمشق مع الرئيس السوري بشار الأسد في حضور وزير الإعلام والثقافة السعودي الدكتور عبدالعزيز خوجة ووزير الخارجية السوري وليد المعلم. وأوضحت المصادر ان الحريري، كما نقلت عنه قيادات في قوى 14 آذار، يفضّل ان تتمثل الأكثرية في البرلمان بالنصف زائداً واحداً في الحكومة، وقالت ان هذه المسألة ما زالت موضع نقاش مع رئيس الجمهورية الذي سيكون له الصوت الوازن في مجلس الوزراء. وقالت إن تشكيل الحكومة «يمكن ان يسبق عقد القمة اللبنانية – السورية، برعاية السعودية، والتي سيشارك فيها الرئيس الحريري إلى جانب الرئيس سليمان». وعزت السبب الى ان المحادثات السورية – السعودية «تتجاوز مسألة تشكيل الحكومة اللبنانية باعتبارها شأناً داخلياً متروكاً للأطراف اللبنانيين المعنيين، الى أمور تتعلق بالمنطقة وهذا ما يستدعي التحضير لها عربياً وإقليمياً للتفاهم عليها أولاً ولمساعدة لبنان على التوصل الى اتفاق سياسي يشكّل حماية للحكومة العتيدة». وأضافت: «ان المشاورات اللبنانية في شأن تشكيل الحكومة تتزامن حالياً مع مشاورات تجريها السعودية بالقيادة المصرية وأخرى سورية باتجاه طهران»، مشيرة الى ان لا سرعة في تأليف الحكومة نظراً الى حاجة كل من الأطراف الى مزيد من الوقت لبلورة رؤيته لشكل الحكومة وتركيبتها. واستبعدت المصادر احتمال توزير خاسرين في الانتخابات النيابية، رغم ان رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون لا يزال مصمماً على توزير صهره الوزير الحالي جبران باسيل والوزير الياس سكاف (بحماسة أقل). وأكدت المصادر ان المعارضة تواصل مشاوراتها لوضع تصور موحد من الحكومة الجديدة، لكنها رأت ان عون يفضّل ان يأخذ وقته الى حين اجتماعه أو من يمثله مع الحريري. وكشفت ان قيادتي حركة «أمل» و «حزب الله» على تواصل مع القيادة السورية وأن المعاونين السياسيين لرئيس المجلس النيابي نبيه بري النائب في «أمل» علي حسن خليل وللأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله، حسين خليل زارا دمشق اخيراً والتقيا كبار المسؤولين السوريين واطلعا منهم على ما آلت إليه المحادثات السورية – السعودية. واستبعدت المصادر ما تردد عن ان «حزب الله» يفضّل ان لا يتمثل مباشرة في الحكومة وقالت ان الحزب سيُمثل بحصة كاملة، لا سيما بعد الحملة الإسرائيلية على تمثيله في الحكومة. وبالنسبة الى توزير النائب طلال أرسلان قالت المصادر ان رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط لن يعارض ذلك لأنه سيكون من حصة الأقلية، وهو سيطالب عندئذ بأن يتمثل «اللقاء الديموقراطي» بوزير مسيحي لوجود نواب مسيحيين في كتلته أو بوزير شيعي. وكان الرئيس سليمان أعلن امس ان العلاقة اللبنانية – السورية تشهد ثقة متبادلة يعززها تنفيذ الخطوات التي نص عليها البيان المشترك الذي صدر بعد القمة الرئاسية في دمشق العام الماضي. وأكد ان «مصلحة لبنان العليا هي التي ترعى متابعة تنفيذ البنود الواردة في البيان بعيداً من أي توظيف في تشكيل الحكومة الجديدة». من جهة أخرى، رد الحريري امس على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ضد الحكومة اللبنانية محملاً إياها «عواقب» ضم «حزب الله» إليها، والمسؤولية عن كل عمل هجومي يخرج من أراضيها. وقال الحريري ان رئيس وزراء إسرائيل لا يتوقف عن توجيه رسائل سلبية الى لبنان والحكومة متهماً إياه بقلب الحقائق. وطالب المجتمع الدولي بتنبيه اسرائيل من مخاطر أي تهديد لأمن لبنان وسيادته. من جهة ثانية، طرأ تطور جديد على صعيد مناخ المصالحات امس، فاستقبل جنبلاط وفداً من «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة» الوثيقة الصلة بدمشق برئاسة ابو عماد رامز. ونوّه جنبلاط في موقفه لجريدة «الأنباء» بزيارة الوفد العلمائي من «حزب الله» للمرجعيات الدينية الدرزية، معتبراً انها «بداية ترجمة لما اتفق عليه في اجتماعه مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والتي ستليها خطوات عدة لتكريس التهدئة والاستقرار وإعادة وصل ما انقطع».