أكد محافظ البيضاء محمد ناصر العامري أن جميع المسلحين المتشددين الذين يتزعمهم الشيخ طارق الذهب، القيادي في جماعة «أنصار الشريعة» المتحالفة مع تنظيم «القاعدة» في اليمن «انسحبوا في ساعة متقدمة ليل الثلثاء - الأربعاء من رداع (150 كلم جنوب شرقي صنعاء)، واستطاع عدد من وجهاء ومشايخ المدينة إقناع المسلحين بإخلائها من دون تدمير مبانيها . وقال العامري في تصريح إلى «الحياة» أمس عبر الهاتف إن المفاوضات بين أبناء المنطقة والمسلحين المتشددين «لم تتوقف منذ سيطرتهم على المدينة قبل 11 يوماً، ونحن في السلطة المحلية آثرنا الصبر والتريث قبل أي تدخل عسكري لاستعادة المدينة الأثرية حتى لا تتعرض مبانيها التاريخية وفي مقدمها المدرسة العامرية، وقلعة ملك سبأ شمّر يُهرعش إلى التدمير، خصوصاً أن المدرسة قيد الترميم وكلفت الدولة ملايين الدولارات، بالإضافة إلى منازل وبيوت المواطنين المتلاصقة في محيط القلعة». وأضاف أن «قوات الجيش والأمن، ومعها جماعات من أبناء القبائل في مديريات رداع السبع كانت تحيط بالمدينة وتستعد لاقتحامها وتحريرها في أي وقت، وأعطت الوسطاء فرصة لإقناع المسلحين بإخلاء المدينة». وزاد أن «المسلحين تركوا عدداً من الألغام كانوا زرعوها في قلعة العامرية، ويتولى فريق متخصص تابع للجيش إزالتها»، مشيراً إلى أن «معظم المسلحين من أبناء المنطقة عادوا إلى منازلهم وقراهم في منطقة ولد ربيع والمناسح، في حين عاد المسلحون من المحافظات الأخرى أدراجهم»، مؤكداً أن «ما حدث في رداع لن يتكرر والسلطة المحلية والجهات الأمنية والعسكرية اتخذت التدابير اللازمة لحماية المدينة مستقبلاً»، لافتاً إلى سقوط عشرات القتلى خلال الأيام الماضية في مواجهات متفرقة بين مسلحي «القاعدة» وقوات الأمن والمواطنين بينهم امرأة. إلى ذلك، بحثت وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية وندي شيرمان التي وصلت إلى صنعاء أمس مع نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في التطورات الراهنة لجهة تنفيذ الأطراف السياسية اتفاق التسوية للخروج من الأزمة، بالإضافة إلى التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وجهود اليمن في القضاء على نشاط تنظيم «القاعدة»، والنتائج التي آلت إليها الأمور في مدينة رداع وتطهيرها من العناصر الإرهابية. وأفادت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية بأن المبعوثة الأميركية عبرت لهادي عن تقدير إدارتها لما أنجز حتى الآن في طريق التسوية السياسية وإخراج اليمن من الأزمة، معربة عن الثقة بأن 21 شباط (فبراير) المقبل سيكون موعد إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة وسيمثل الانطلاقة الحقيقية نحو الإصلاحات الشاملة في اليمن. وقالت إن «الولاياتالمتحدة ستدعم اليمن للخروج من الظروف والأزمة الراهنة والوصول به إلى بر الأمان»، مشيرة إلى أن «المجتمع الدولي معجب بالجهود الجبارة التي بذلها هادي، والقوى السياسية من اجل الوصول إلى تلك النتائج «. وأضافت الوكالة أن شيرمان أكدت أن بلادها «ستكون شريكاً قوياً وفاعلاً مع اليمن من اجل تجاوز الأخطار والظروف الصعبة «. وأشار هادي إلى أن «السفير الأميركي في صنعاء جيرالد فايرستاين بذل جهوداً كبيرة مع زملائه سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي لتجنيب اليمن الحرب الأهلية وويلات الانقسام الذي كان ماثلاً للعيان». وفي سياق متصل قال فايرستاين خلال لقاء مع صحافيين أمس أن الرئيس علي صالح سيتوجه في الأيام القليلة المقبلة إلى الولاياتالمتحدة وإنه ما زال في مسقط، ومدة بقائه في أميركا مرتبطة بما يقرره الأطباء، مؤكداً أنه لن يطلب اللجوء في الولاياتالمتحدة وهو غير مقيد الحركة ويمكنه العودة إلى بلاده متى شاء، مشيراً إلى أن مرور صالح بمسقط أمر اتفق عليه بين الطرفين. وأضاف، رداً على سؤال عما تردده أوساط المعارضة أن صالح قد يطلب اللجوء في أي دولة: «لم نسمعه يوماً يتحدث عن طلب اللجوء السياسي، لا هو ولا أحد من محيطه تكلم عن ذلك، كما أنه ليس صحيحاً أننا نحاول أن نجد مكاناً له»، غير أنه أكد أن عدم وجود صالح في اليمن «سيساعد العملية الانتقالية ويحسن الأجواء لانتقال السلطة، إلا أن هذا ليس السبب لمنحه التأشيرة إلى الولاياتالمتحدة».