في أرض فصل الانتهاكات والحكم بالعدل، يضطر زوار وزارة العدل من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى البحث طويلاً عن مكان للمركبات التي تقلهم، جراء سيطرة موظفي الوزارة على المواقف المخصصة لهم. وكشف المحامي عبدالرحمن المهلكي عن انتهاكات إنسانية ونظامية في محاكم عدة، لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، تكمن في استيلاء موظفي وزارة العدل على المواقف المخصصة للمعوقين ومنعهم من الوقوف أو الدخول إليها. واستغرب المهلكي، وهو أحد المعوقين، في حديثه إلى «الحياة» تجاوزات الموظفين الرسميين للجهاز العدلي بتعمدهم التضييق عليهم، على رغم أن النظام أنصفهم بفرض خمسة في المئة من المواقف في جميع المرافق الحكومية وغيرها للمعوقين، ومع ذلك لم توفر معظم المحاكم النسبة المطلوبة، مضيفاً «حتى المواقف المظللة التي لا توجد عليها لوحات، تم تخصصيها للمكاتب القضائية، بعد ما لوحظ وقوف سيارات تحمل «ملصقات» للمعوقين، مؤكداً أن المواقف الخاصة بالمحكمة العامة تكفي القضاة وأكثر، و«لكن المشكلة في أن الموظفين من غير القضاة يستغلون المواقف الزائدة، والضحية هم أصحاب الاحتياجات الخاصة». ورصد المحامي المهلكي بالصور وشهادة الشهود وخطابات رسمية، معاناته مع عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة أثناء مراجعاتهم المحاكم (تحتفظ «الحياة» بنسخة منها)، وبدأ بالمحكمة العامة في مكة، بعد أن منعه حراس الأمن من الدخول إلى المواقف المظللة والقريبة من مدخل المحكمة، وأن المنع صادر من رئيس المحكمة. وتستمر معاناة المحامي المعوق في توفير مواقف مخصصة لهم في محكمة خميس مشيط، إذ استفز تذمره سكرتير رئيس المحكمة، الذي رد عليه غاضباً «مسألة الوقوف الممنوع في الأماكن المخصصة لذوي الاحتياجات مسألة وعي وثقافة، ولن تنفع الشكاوى»، ما دعا المحامي إلى أن يصر على لقاء الرئيس ومطالبته بتطيق النظام لكي يتثقف الشعب، لافتاً إلى أن محكمة خميس مشيط على وجه التحديد خصصت موقفاً وحيداً فقط للمعوقين، ومع ذلك تحتله سيارة رسمية تحمل شعار وزارة العدل. ورصد المهلكي على مدى ثلاثة أشهر بالصور، ابتداء من أبريل الماضي حتى تاريخ النشر، سيارات رسمية تحمل شعار وزارة العدل تستولي على مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة في محاكم تابعة لمناطق الرياضومكة وعسير، مطالباً وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور محمد العيسى، بالتدخل الفوري، مشيراً إلى أنه لا يوجد في النظام ما يوجب تخصيص مواقف للموظفين، بعكس ذوي الاحتياجات الخاصة. يذكر أن إدارة المرور تشترط على المجمعات والمراكز التجارية وجود نسبة معينة من المواقف لذوي الاحتياجات الخاصة، وتكون قريبة من المداخل، وأن رجل الأمن مكلف بتطبيق نظام المخالفات على من يقف في المواقف الخطأ والتي من ضمنها مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة، بحسب تصريحات إعلامية لمسؤولي المرور، وأن المخالفة تصل إلى 100 ريال، في حين أن مملكة البحرين تنص في نظامها على مخالفة 1000 دينار مع سحب السيارة، وفي دبي تصل إلى 500 درهم، كما تطبق إجراءات صارمة في بعض الدول الأوربية، منها بريطانيا التي صل فيها قيمة الوقوف في مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة إلى 1000 جنيه إسترليني. البكران: سنوفر كراسي متحركة بعد «العيد» أكد المتحدث الرسمي لوزارة العدل الدكتور فهد البكران في رسالة نصية إلى «الحياة» أن نظام البلديات ينص على تخصيص خمسة في المئة من مساحة المواقف للمعوقين، وألّا تقل عن موقفين عرضهما 3.60 متراً، مشيراً إلى أنه تم الالتزام بذلك في المرافق العدلية الجاري تنفيذها، أو تم طرحها للتنفيذ، وستشمل المباني الجديدة الاشتراطات داخل المبنى لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة في المرافق العدلية. ولم ينف أو يؤكد المتحدث الرسمي لوزارة العدل ما إذا كانت المباني الحالية للمحاكم تتقيد جميعها بالاشتراطات المحددة. وأفصح البكران عن توجه الوزارة إلى طرح منافسة بعد انتهاء إجازة عيد الفطر، لتوفير كراس متحركة خاصة بالمعوقين، في جميع المباني العدلية في المملكة، مؤكداً أنها سابقة في المباني الإدارية والخدمية.