سيطرت هواجس الاستقرار العالمي وبطء النمو الاقتصادي والأزمة الإيرانية وفراغ السلطة في بعض البلاد العربية على مناقشات الجلسة الأولى من فعاليات منتدى التنافسية الدولي السادس، أمس، إذ خصصت الجلسة للحديث عن التحديات المستقبلية للعام 2012. وتحدث رئيس وزراء كندا السابق جون كريتيان عن تأثير الأزمة الإيرانية كأحد أهم التحديات التي تواجه العالم، مشيراً إلى أن أحداً لن يكون قادراً على التكهن بما يمكن أن يحدث في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة. ولفت إلى أن ما حدث في تونس ومصر واليمن وسورية خلال العام الماضي أدى إلى انحسار النفوذ الإيراني، وربما يجبر طهران على التصرف بشكل مفاجئ خصوصاً أن هذا البلد يريد دوراً له في العالم. ولم يعط كريتيان رأياً واضحاً في ما يتعلق بنظرته لما يجري في بلدان الربيع العربي، إذ اكتفى بالقول: «لا نعلم إدا كان الوضع في مصر وليبيا وتونس وسورية أفضل الآن مما كان عليه الوضع قبل أن تدخل مرحلة الربيع العربي». وعلى رغم تأكيده أن كثيراً من دول العالم في حال ركود الآن، إلا أنه لم يتخلى عن نظرته المتفائلة، معتبراً أن الجهود الاقتصادية لا تسير نحو الهبوط، مشيراً إلى أن الانتخابات الأميركية تلعب دوراً في التأثير على عالم الأعمال. من جهته، أكد مدير شركة تشاتام روبرت نيليت، أن المشكلة الإيرانية ستلقي بظلالها على المنطقة، معتبراً أن إيران ستخسر كثيراً من امتيازاتها خلال العام المقبل، ويمكن أن تتصرف بشكل مفاجئ للجميع. واعتبر أن الأداء الاقتصادي الأوروبي بطيء، ويمكن أن يؤثر في سياسات بلدانها، محذراً من عدم التوازن الاقتصادي في علاقة أوروبا مع الصين التي تصدر ما قيمته 400 بليون دولار إلى دول الاتحاد الأوروبي، ما يترك أثره على مواطني تلك الدول، ويحولهم إلى مستهلكين. وبدأ الرئيس التنفيذي في شركة يونيليفر بول بولمان مداخلته بالحديث عن تأثير الأزمة المالية العالمية العام 2008 على ما تلاها من أحداث أسهمت في تباطؤ النمو الاقتصادي، وظهور أزمة في مجال القيادات، وتطرق إلى محاور تمثل أهم المخاطر التي يمكن أن يواجهها العالم خلال الفترة المقبلة، أولها الفراغ الكبير في السلطة الذي يمكن أن يؤثر سلباً في الاقتصاد والاستقرار المالي والاجتماعي في بعض الدول، لافتاً إلى أن غياب سياسات راشدة يمكن أن يؤثر في رد فعل الفرد داخل المجتمع. وحذر من خطر العقم السياسي الذي يصيب بعض الدول ما يؤدي إلى تبعات اقتصادية بالغة الخطورة على المجتمع، مؤكداً أهمية ما تقوم به دول مجموعة العشرين في معالجة «الانحسار الاقتصادي» الذي أصاب الولاياتالمتحدة الأميركية ودول أخرى. وأبدى تفاؤلاً حذراً بأداء دول الاتحاد الأوروبي، ذلك أنها تسير بشكل بطيء على حد قوله، لافتاً إلى أن قرارات بعض القيادات السياسية في أوروبا كانت غير صائبة وتركت أثراً بالغاً في المجتمع، داعياً تلك الدول إلى وضع خطط فعالة للأعوام العشرة المقبلة، وإلا ستدخل أوروبا في حال من الركود الاقتصادي. وأكد بولمان أن جزءاً من حلول كثير من المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها العالم اليوم موجود لدى القوى الناشئة مثل الهند والصين، اللتين يمكن أن تلعبا دوراً يساعد على استقرار الأسواق العالمية. وشدد على أهمية إعادة النظر في الهياكل أو الأنظمة الأمنية، لأن بيئة الأعمال لا تنشط إلا في وسط راسخ يسير وفق خطط ثابتة، مشيراً إلى أهمية دور القطاع الخاص في استقرار الأسواق لأنه يمثل قوة هائلة لديها قدرة مذهلة على معالجة المشكلات التي تعاني منها بعض الدول. وأضاف أن تغير حكومات في بعض الدول العربية بفعل الربيع العربي أدى إلى نوع من الفراغ الذي يجب أن تعمل المؤسسات على التعامل معه، وتغيير الوضع القائم نحو الأفضل، مستشهداً بقول لنيلسون مانديلا: «الفعل من دون تأثير ليس له أهمية». إلى ذلك، أكد رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي في شركة «بي دبليو سي» دينيس نيلي أن الاتجاه الغالب لدى مديري الشركات ورجال الأعمال هو أن الأداء الاقتصادي العالمي سيكون إيجابياً هذا العام، بينما كان سلبياً نوعاً ما خلال العام الماضي. وأضاف أن مجتمع الأعمال يسير بشكل أفضل على رغم التحديات، معتبراً أن هذا العام سيكون رئيسياً في خلق فرص عمل وزيادة الاستثمارات. ورداً على سؤال من أحد الحاضرين عن وضع الدولار كعملة عالمية وما إذا كان مستقراً، قال نيلي: «على المدى المنظور فإن الأسواق والشركات تنمو، وليس لدينا سبب للقلق على وضع الدولار». وفي ما يتعلق بالتحديات التي تواجهها السعودية، شدد مدير شركة تشاتام روبرت نيليت على أهمية تنويع وسائل الطاقة وعدم الاكتفاء بالاعتماد على النفط، إضافة إلى تحدي التعليم وأهمية تطوير المهارات بما يقودها إلى المنافسة. فيما أجاب رئيس الوزراء الكندي السابق جون كريتيان على السؤال ذاته بأهمية التركيز على إعادة توزيع الثروات على أنحاء المملكة وتنويع مصادر الدخل.