يصف كثر من أنصار ميلان النجم البرازيلي ألكسندر باتو ب «فتى القصص الغرامية المصورة» الذي يشتهر بوسامته ومغامراته. وباتو «البطة باللغة البرتغالية»، الذي فضّل البقاء في النادي اللومباردي على الانتقال إلى باريس سان جرمان الذي تسعى إدارته إلى بناء فريق قاري – عالمي، يجد في موقعه الحالي مزايا لخصها ربما «ديبلوماسياً» في بيانه لرفض الانتقال، وعلى الأقل «حميمية» وجوده إلى جانب بربارا، ابنة مالك ميلان رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلوسكوني. حين «نسف» باتو الاتفاق بين إدارتي ميلان وسان جرمان، أعلن أن «ميلان هو بيتي. لا أريد أن تتوقف مسيرتي معه بعد أن كسبت بقميصه أول لقبين لي. أريد المساعدة في كتابة قصة هذا النادي وأن أسهم في نجاحاته المستقبلية، خصوصاً في ظل الانسجام العالي على الصعد كافة». وزاد: «هذا الواقع يدفعني إلى خوض المباريات المقبلة بحماسة كبيرة ورغبة في تحقيق الفوز وتسجيل الأهداف (...) أريد أن أشكر الرئيس برلوسكوني والنادي وأنصاره لثقتهم الدائمة بي». وكان العرض الرسمي الأخير الذي تقدّم به سان جرمان مقداره 28 مليون يورو يضاف إليها 7 ملايين تتعلق بالنتائج، علماً أن باتو أعلن موافقته على الانتقال إلى النادي الفرنسي الذي تملكه شركة قطر للاستثمار الرياضي في مقابل أجر سنوي يتراوح بين 6 و7 ملايين يورو. ومع «تجميد» هذه الصفقة، فإن باتو مُطالب بفرض وجوده أكثر على رغم موهبته المتقدة، وعزيمته الصلبة التي يستمدها «على الأقل» من «محن طفولته» يوم كان مهدداً وهو في سن العاشرة ببتر ساعده بعد اكتشاف ورم في عظمها. كما كابد ليثبت جدارته منذ أن كان في ال11 من عمره، حين انخرط في أكاديمية إعداد تبعد 12 ساعة بالحافلة عن منزله. بكى باتو بمرارة كثيراً وطويلاً وتعذّب بصمت في الأشهر الأولى، لكنه كشف عن موهبة فذة قادته سريعاً إلى صفوف إنترناسيونال بورتو أليغري. وشارك معه في بطولة العالم للأندية وسجل أول أهدافه في مرمى الأهلي المصري (2 – 1) ثم خاض نهائي المسابقة أمام برشلونة، الذي كان يضم مواطنه رونالدينيو وديكو، فاز عليه بهدف من دون ردّ. عام 2007، انتقل المراهق الذي سجل 6 أهداف في 10 مباريات ضمن الدوري البرازيلي الأول إلى ميلان في مقابل 22 مليون يورو، وهو رقم قياسي للاعب في سنه. وما رفع حظوظ انضمامه نصيحة عضو مجلس إدارة ميلان محامي النادي المولع بعلم الفلك والتنجيمليوناردو كانتاميسا، إذ راقب برج «البطة» وتوّقع له مستقبلاً مشرقاً في مسيرته الإيطالية. خاض باتو مباراته الأولى مع ميلان يوم 13 كانون الثاني (يناير) 2008 مدشناً حضوره بتسجيل هدف في شباك نابولي على ملعب سان سيرو (5 -2). وفي جعبته حالياً 51 هدفاً في 112 مباراة، أي بمعدّل نحو 0.51 هدف في المباراة الواحدة (أفضل من ميسي في مثل عمره - 0.47 هدف). ومن أبرز أهدافه الحاسمة، إصابتان من ثلاث أحرزهما ميلان في شباك غريمه إنتر ضمن «دربي ميلانو» (2 نيسان/أبريل الماضي) ما منح النادي اللومباردي لاحقاً اللقب الأول منذ عام 2004. ويذكر أيضاً هدفه المميز في مرمى برشلونة (2 – 2) على ملعب «كامب نو» ضمن دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا (3 أيلول/ سبمتبر الماضي). دوامة الإصابات لكن في مقابل هذه «النقاط المضيئة»، تعرّض باتو (21 سنة و7 أشهر) لإصابات متكررة بلغ عددها 11 مرة في غضون سنتين بسبب مشكلات عضلية في فخذيه. وعرضه ميلان في كانون الأول (ديسمبر) 2010 على الاختصاصي في البيومكانيك ومعالجة العظام البروفيسور الأميركي وليام غاريت. غير أن مسلسل الإصابات التي تدهم باتو لم يتوقف، وآخر فصوله كان في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. هذه «العثرات» وضعت باتو في دوامة البحث عن دور مناسب كان تولاه في عهدي المدربين الإيطالي كارلو أنشيلوتي والبرازيلي ليوناردو، اللذين سعيا لضمه إلى سان جرمان، وذلك في مقابل علاقته «المشدودة» مع المدرب الحالي ماسيمليانو أليغري الذي لم يشركه أساسياً هذا الموسم إلا في 6 مباريات. وعموماً، يرتاح باتو بجوار مواطنه روبينيو والإيطالي أنطونيو كاسانو الذي يتعافى من جراحة في القلب خضع لها في 4 تشرين الثاني الماضي، ولا ينسجم كثيراً مع زميله السويدي زلاتان إبراهيموفيتش. ويأخذ مراقبون على باتو تسرّعه وعدم حسمه الأمور أمام المرمى وخروجه عن التكتيك المتبع. لكنه على رغم ذلك سجل في الموسم الماضي أهدافاً أكثر في مباريات أقل لعبها مقارنة بزميليه في خط الهجوم (14هدفاً في 25 مباراة، في مقابل 29 مباراة لإبراهيموفيتش و32 لروبينيو). وباتو «حاضراً» دائماً في الحياة الاجتماعية ومادة دسمة للصحافة، لاسيما منذ طلاقه من مواطنته الممثلة ستيفاني بريتو بعد أقل من عام على زواجهما. ويعيش مع عضو مجلس إدارة ميلان بربارا برلوسكوني (27 سنة) قصة حب تشغل الإيطاليين شبيهة بقصص الأفلام والروايات. ويبدي النجم السابق هداف كأس العالم 1982 باولو روسي إعجابه الكبير ب «الفتى البرازيلي» الوسيم. وأعلن أخيراً أنه لو كان يملك نادياً لكرة القدم «لما ترددت لحظة في ضمه إلى صفوفه». ويؤكد المهاجم السابق البولندي زبغينيو بونييك (55 سنة) أن باتو «سيكون لاعباً مميزاً واستثنائياً إذا وظّف كل طاقاته في كرة القدم وركّز أكثر على أدائه». وتبقى الاستحقاقات الدولية بانتظار باتو (18 مباراة دولية، 6 أهداف، أولها في مرمى السويد بتاريخ 26 آذار/مارس 2008). ويأمل الجهاز الفني للمنتخب البرازيلي بقيادة مانو مينيزيس خيراً في فنيات باتو «إذ يملك مزايا كثيرة لكن يمكنه أن يتطور أكثر»، مسجلاً ارتياحه لقرار اللاعب البقاء «حالياً» في إيطاليا، ويجد ذلك مفيداً ل «السيليساو». كما أن مركزه «مضمون» في المنتخب الأولمبي المشارك في «لندن 2012» علماً أن الميدالية الذهبية الأولمبية لا تزال تنقص السجل الكروي البرازيلي.