بدا أن المشهد السياسي المصري يسير في مسارين، بين الاستعدادات المكثفة لأولى جلسات البرلمان الجديد غداً التي يعوِّل عليها كثيرون في مقدمهم المجلس العسكري لتلطيف الأجواء قبل الذكرى الأولى للثورة، في مقابل تعويل شباب الثورة على كثافة الاحتشاد في الميادين الأربعاء المقبل للضغط باتجاه تسليم فوري للسلطة. وتخلى الأمين العام لحزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، سعد الكتاتني، الذي ينتظر تنصيبه غداً رئيساً لأول برلمان بعد إطاحة الرئيس المخلوع حسني مبارك، عن مسؤولياته الحزبية أمس، فيما استمرت حتى الساعات الأخيرة اجتماعات الأحزاب للتوافق على تشكيلة اللجان البرلمانية ال19. واجتمع مساء أمس رئيس «الحرية والعدالة» محمد مرسي مع عدد من رؤساء الأحزاب التي نالت مقاعد في البرلمان لوضع التصور النهائي لتشكيل اللجان، فيما أعلن رئيس حزب «الوفد» السيد البدوي تنسيق حزبه مع القوى السياسية والأحزاب في شأن الترشيحات لهيئة مكتب المجلس واللجان المتخصصة، موضحاً أن «الوفد» ستكون لديه هيئة برلمانية مستقلة في المجلس من دون وجود أي تحالف مع أي أحزاب أخرى. وفي موازاة ذلك، اجتمع أمس المجلس الاستشاري الذي كان عيَّنه المجلس العسكري لمعاونته مع عدد من ممثلي الأحزاب السياسية الفائزة في البرلمان. وأفيد أن الاجتماع الذي لم يحضره «الحرية والعدالة» تطرق إلى «محاولة التوفيق بين أعضاء البرلمان على تشكيلة اللجنة التأسيسية وكتابة الدستور وإعداده قبل إجراء انتخابات الرئاسة». ورفض الاجتماع مطالبات القوى الثورية بتسليم فوري للسلطة إلى مجلس الشعب. وأكد ضرورة «وضع الدستور الجديد قبل الانتخابات الرئاسية، ومن ثم اكتمال المؤسسات الدستورية وتسليم السلطة لرئيس منتخب قبل نهاية حزيران (يونيو) المقبل». وشاركت في الاجتماع أحزاب «النور» السلفي، و «المصري الديموقراطي الاجتماعي»، و «المصريين الأحرار»، و «العربي الناصري»، و «الإصلاح والتنمية»، و «البناء والتنمية»، الذراع السياسية ل «الجماعة الإسلامية»، إضافة إلى حزب «التجمع» اليساري. كما شارك رئيس المجلس الاستشاري منصور حسن، والأمين العام للمجلس محمد نور فرحات. وأعلن «الوفد» الذي حلَّ ثالثاً في نتائج الانتخابات البرلمانية أنه اختار محمد عبدالعليم داود لطرحه مرشحاً عن الحزب على منصب وكيل مجلس الشعب. وأنهى 310 نواب فازوا على المقاعد الفردية وقوائم الأحزاب حتى مساء أمس إجراءات عضويتهم طبقاً لأحدث إحصائية أعدَّها مركز المعلومات في مجلس الشعب. يذكر أن عدد أعضاء مجلس الشعب الجديد 498 عضواً منهم 332 على القوائم الحزبية و166 على المقاعد الفردية. وستكون الجلسة الأولى للمجلس إجرائية، إذ سيتم خلالها انتخاب هيئة مكتب المجلس والمكونة من الرئيس والوكيلين وانتخاب هيئات المكاتب النوعية (اللجان) ال19. وسيعقد المجلس جلساته الثلاث الأولى برئاسة أكبر الأعضاء سناً، ويعاونه أصغر عضوين، ويتم خلالها قراءة رسالة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي، الذي يتولى صلاحيات رئيس الجمهورية، التي ستدعو المجلس إلى الانعقاد، ثم نتائج الانتخابات، ليؤدي بعدها الأعضاء اليمين الدستورية. وانهمك أمس عمال في تشجير الشوارع الداخلية لمقر البرلمان ورصفها وطلاء واجهاتها. وأفيد أن قوات الجيش سحبت معداتها الثقيلة وناقلات الجند من داخل مبنى البرلمان لتفريغ مواقف السيارات لاستقبال سيارات النواب الجدد. وانتهى العاملون من أعمال صيانة قاعة المجلس، التي بدت متزينة لاستقبال النواب. وكان رئيس «الحرية والعدالة» أعلن أن المكتب التنفيذي للحزب وافق خلال اجتماعه أمس على الطلب الذي تقدم به الكتاتني للاستقالة من منصب الأمين العام للحزب في حال انتخابه لرئاسة مجلس الشعب، مشيراً إلى أن الحزب قرر أيضاً استمرار الكتاتني في مهامه موقتاً إلى حين اجتماع الهيئة العليا للحزب لانتخاب أمين عام خلفاً له.