اِذهب عنّا أيّها الشاعر اترك أوزانَك تنغّم زمناً غيرَ زمنِنا. تألّق بنارٍ تطفو في المَنبع «اقفل بابَك وتوحّد بين الكلمات والكلمات»، وصحوُ العالم سوف يُنيرُ الطريق. الربيعُ الموعود أصيب بنوبة بردٍ رياحُه تَخرجُ من رئةٍ عليلة... «لا شيءَ الآن يُذبَح بنظافة بل يُترك للعفن». والمعاني كالماء لا شكلَ لها إلا عندما يُقلقُها حجرٌ عابر، صفات لا تَتغيّر لكلمات تتنكّرُ جيلاً بَعدَ جيل. لا أسماءَ جديدةً فلكلِّ اسمٍ شرايين يزفرُ منها كالضفدع القيلَ والقال. ولا زواجَ بين الأفكار فالفكرةُ تعيشُ في الظلال كالحظ السيئ تنسجُ حولَها الأوهام، تجدُ حلاً لمعضلة شكسبير: أن تكونَ أو لا تكون... لا تكنْ! بدايةُ الحياة هي الموت ونهايتُها شيءٌ آخر، أشرطةٌ بيضاء. العقلُ - قمراً يذوب كشمعةٍ – يُحرق البخورَ في السرداب والظلمةُ نائمةٌ في الفراش. رأسُكُ عشٌّ ناعم أيُّها السيّد المَوت. هناك من يطرق الباب، يفلحُ الأرضَ في الجوار الذي يغلي، يبكي الورقةَ والبرعمَ والزهرة ويصبو لأمورٍ جليلة. ها هو الليلُ يعدو عارياً وعيناه تدوران في انتظار المطر. لا حيلةَ لنا إلا أنْ نلجأ إلى مياه السماء. فالتاريخُ اغتصبَ مَلحمتَنا عيونُنا الزائغة زجّجها المِثال. لم نعد نرى من خلفنا سوى الأمواج تُعير أذناً صمّاء لما ينبغي أن نكون.