أكد وزير التخطيط والتعاون الائتماني العراقي السابق مهدي الحافظ، الأهمية الحيوية لأي موازنة مالية سنوية «تكمن في كونها أداة اقتصادية فاعلة تكفل توزيع الموارد المالية في شكل سليم وتحقق الأهداف الاجتماعية والإنمائية، وفق سياسة النظام السياسي ومبادئه». ولفت الحافظ في مداخلة خلال ندوة عقدها المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي حضرتها «الحياة» حول موازنة هذه السنة، إلى وجود «معضلات مزمنة كاتساع دائرة البطالة التي تراوح نسبتها بين 20 و 30 في المئة وانخفاض مستوى المعيشة وضعف الخدمات العامة وانتشار الفساد والمحسوبية على نطاق كبير». ولم يغفل مسألة «توزيع الدخل وفق الموازنة التشغيلية البالغة ثلثي مجموع الموازنة». وطرح أسئلة عن «سلم الرواتب والأجور لموظفي الدولة (3.5 مليون نسمة) وطريقة معالجة هذه المسألة، وعن الإصلاح الاقتصادي المنشود والسياسة الانمائية الموحدة للدولة، وإذا كانت توجد سياسة واحدة تشمل كل أجزاء الوطن». وسأل «إذا كان صحيحاً الاستمرار بوعاء ضريبي محدود جداً، وعما ينقذ الشعب لو حصلت كارثة وتوقف نقل النفط»، مؤكداً أن هذه الأسئلة «تحتاج إلى إجابات». ورأى الحافظ أن المنهجية المتبعة في الموازنة «يشوبها قصور كبير خصوصاً في ما يتعلق بالتقديرات المتنوعة للوزارات والهيئات»، لافتاً إلى أن المنطق التقليدي (البيروقراطي) السابق هو السائد، وليس واضحاً لدينا المعايير المستخدمة في إعداد التقديرات، والنظرة الاقتصادية الشاملة الواجب اعتمادها كدليل لإعداد الموازنة». واعتبر أن ذلك «يشكل خللاً اقتصادياً كبيراً»، ملاحظاً تقديم «نسب متفاوتة قدمت لهذه الموازنة وفق الوزارات والهيئات وتدخل في باب النفقات». وأشار إلى «ادعاءات وشكاوى حول الفساد وانتشاره وعدم دقة التنفيذ أو تأخره»، سائلاً عن «السبيل لمكافحة الفساد والمحسوبية». وأوضح الحافظ، أن الموازنة المقدمة «تقدر الإيرادات بنحو مئة بليون دولار، معظمها من عائدات النفط نحو 90 في المئة وهي موازنة كبيرة تأتي بعد المملكة العربية السعودية»، سائلاً «إذا كانت تتوافر الضمانات للتحرر من هذه المعضلة، وعن مصير القطاعات الإنتاجية الأخرى غير النفطية». وعن الالتزامات الخارجية، أكد أن «العقوبات ضد العراق لا تزال قائمة، إذ يستمر خاضعاً للفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة». وقال: «نحن ندفع 5 في المئة من العائدات للكويت، بعدما دفع العراق أكثر من 20 بليون دولار حتى الآن». وأضاف: «لماذا لا توضع هذه القضية كمشكلة مع الكويت وتحلّ في مجلس الأمن، شأنها في ذلك شأن مسألة الحدود والقضايا العالقة الأخرى». واعتبر الحافظ، أن «الحسابات الختامية هي النقطة المزمنة ولا حل لها حالياً، فكيف يمكن مناقشة موازنة سنوية من غير معرفة خلاصة الحسابات للسنوات الماضية»، مشيراً إلى أن في الموازنة «إشارة إلى أن إقليم كردستان لم يقدم حسابات منذ العام 2004 «، مؤكداً أنها «مخالفة صريحة للدستور الذي يشترط مناقشة الموازنة والحسابات الختامية معاً». وكشف الحافظ، عن «عدم وجود معطيات مضبوطة عن مسارات الإنفاق». وخلص معتبراً أن الموازنة المقدمة تثير قلقاً وتساؤلات ، وتطرح بإلحاح الحاجة إلى معالجة الوضع المالي ونظام إعداد الموازنة بهدف الحرص على تطوير التنمية والإصلاح، والحفاظ على مصالح الشعب بكل فئاته وتأمين حياة مستقرة لهم».