أشعل برنامج «نطاقات» الذي أطلقته وزارة العمل أخيراً، حرباً خفية بين شركات ومؤسسات القطاع الخاص المصنفة في النطاق الأصفر، والمقرر انتهاء مهلتها القانونية في 23 شباط (فبراير) المقبل وذلك لاستقطاب الكفاءات الوطنية من شركات النطاق الأحمر، بهدف استيفاء النسب المحددة في مختلف الأنشطة التجارية المصنفة لكل منشأة، في وقت أتاح البرنامج لعمالة شركات ومؤسسات النطاق الأحمر حرية الانتقال من دون الرجوع إلى شركته المصنفة في ذات النطاق. وتوقع خبراء موارد بشرية تحدثوا إلى «الحياة» أن يسهم البرنامج في ما وصفوه ب«تنظيف السوق» من الشركات والمؤسسات «الاتكالية»، متوقعين أن تصل نسبة المؤسسات المضطرة للإفلاس أو ترك المجال التجاري إلى 15 في المئة من مجموع الشركات والمؤسسات المسجلة. وقال مسؤول الموارد البشرية في إحدى أكبر شركات المقاولات بجدة المهندس عبداللطيف احمد باطويل، إن الشركات والمؤسسات المصنفة في النطاق الأصفر تحديداً دخلت في ما يشبه «حرب العروض المالية» لاستقطاب موظفي الشركات المصنفة ضمن النطاق الأحمر لاستقطابهم وتوظيفهم مباشرة بناءً على خبراتهم في تلك الجهات، وذلك بهدف رفع درجة نطاقها قبل انتهاء المهلة القانونية المحددة بيوم 23 فبراير المقبل، وهو الأمر الذي لن يكلفهم مصاريف تدريب وتأهيل. وتوقع أن «يسهم ذلك في زيادة المشكلات لشركات ومؤسسات النطاق الأحمر التي ستفقد عمالتها المؤهلة والمدربة على مدى سنوات، سواء أكانت عمالة وافدة أو وطنية، كون النظام أتاح للعامل حرية الانتقال في حال تصنيف منشأته بالنطاق الأحمر وتجاوزها للمهلة القانونية للتعديل». ويشمل النطاق الأصفر حالياً كبريات شركات المقاولات والإعلام والعلاقات العامة والنقليات وشركات التموين والتوزيع والمواد الغذائية ومختلف مجالات الأنشطة التجارية، إذ تحتاج غالبية تلك الشركات إلى آلاف العمالة الوطنية لتعديل أوضاعها بما يتواءم ومتطلبات الخروج من دائرة الخطر. من ناحيته، أوضح أستاذ الاقتصاد المستشار الاقتصادي الدكتور سلمان عبدالكريم النصار، أن بعض شركات المقاولات الكبيرة تحتاج إلى أكثر من ثمانية آلاف عامل سعودي قبل نهاية شهر فبراير المقبل، مؤكداً انه شخصي اشرف على خطط إعادة هيكلة لشركات ومؤسسات ستقوم بخفض نسبة العمالة الوافدة لديها وتقليص أنشطتها. وقال نصار: «نصحنا تلك الشركات التي واجهت صعوبة في توفير سعوديين أو لا ترغب في توظيفهم لصعوبة المجالات التي يعمل فيها غيرهم بخفض نسبة العمالة الوافدة لديها كحل موقت، وتقليص أنشطة بعض الفروع لديها، إضافة إلى البحث عن الموظفين السعوديين المؤهلين في الشركات والمؤسسات المصنفة بالنطاق الأحمر، وهؤلاء لديهم استعداد وحرية الانتقال لشركات أفضل بدافع شخصي وهو الارتقاء الوظيفي، إضافة إلى حاجة الشركات المستقطبة لهم لتعديل وضعها النظامي مع وزارة العمل». وأكد النصار أن برنامج «نطاقات» وبغض النظر عن الاعتراضات التي واجهته، يُعجل من حل مشكلة البطالة بشكل واضح، مستدلاً بأن السعوديين المؤهلين ارتفعت نسبة رواتبهم في ظل وجود محفزات من الشركات والمؤسسات الكبيرة، إلا انه استدرك قائلاً: «البرنامج لن نقول إنه نجح إلا بتحقيق حل للمشكلة على المدى البعيد». وتابع: «على المدى البعيد فإن الوتيرة الحالية التي يطبق بها «نطاقات» قد تؤدي إلى هروب رأس المال المحلي، وهو أهم التحديات التي تواجه البرنامج، لأن مئات الشركات والمؤسسات ستضطر إلى مغادرة السوق بسبب اهتزاز وضعها القانوني، وتوقف معاملاتها الحكومية اللازمة لاستمرارية نشاطها التجاري». يذكر أن وزارة العمل تسعى عبر برنامج «نطاقات»، إلى التفريق في التعامل بين منشآت القطاع الخاص ذات معدلات التوطين المرتفعة والأخرى التي لا ترغب في التوطين، وذلك بربط البرنامج بعدد من المؤشرات، المتدرجة، وتشتمل كل فئة على عدد الحوافز والتسهيلات التي تتأهل لها المنشآت بحسب معدلات توطين لوظائف بها.