«الطفران» تعني المفلس، وفي محكيات أخرى ربما تعني من أصابه الملل، والمفارقة أنها بطريقة أو أخرى تشبه «الطفرة» من حيث الاشتقاق اللغوي في اللهجة، إن صحت المقاربة، وهي كلمة أكثر ما تسمعها من الشباب، أو أرباب الأسر الكبيرة من ذوي الدخل الصغير أو القليل. ألحت علي الكلمة وأنا أقرأ عن طرح هيئة الطيران المدني صكوكاً بقيمة 15 بليون ريال لتمويل مشروع مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، وتحديدها مبلغ مليون ريال حداً أدنى للاكتتاب، ثم تعليق يقول إن هذا الطرح «يستهدف المستثمرين النوعيين من الشركات ورجال الأعمال، ويضم السعوديين والأجانب، في أول طرح حكومي، كما أن هيكل الصك قائم على عقد المرابحة الإسلامية ومتوافق مع أحكام الشريعة». كممارسة اقتصادية، تبدو المعادلة رائعة، وكما يحدث في كثير من المشاريع عالمياً، تحصل الحكومة على مشروع ممول من المواطنين والمقيمين، ويحصلون هم على أرباح، فضلاً عن الجميع سيستفيد من المشروع. كممارسة تنموية واجتماعية كان تحديد الحد الأدنى بمليون ريال بمثابة حرمان المدخرين الصغار من فرصة يقول الخبر إنها جاذبة ومن عوامل الجذب للصكوك المطروحة الربحية وانعدام المخاطرة، التوافق مع الشريعة، وأنها مضمونة بالكامل من حكومة المملكة العربية السعودية ممثلة في وزارة المالية. لسان حال الناس يقول إن الفرص المضمونة والمقدمة من الحكومة الأولى بها الأقل حظاً في فرص الاستثمار، ولسان حال هيئة الطيران المدني كما أتخيل يقول إن هذا طرح ضخم، ويصعب عملياً تنفيذ اكتتاب عام للجميع على طريقة الاكتتابات العامة، كما أن ثقافة الصكوك لا تزال محدودة، ولا يعرفها إلا «المستثمرون النوعيون من رجال الأعمال والشركات والمواطنين والأجانب». كان الأولى أن يقترب الطرح قليلاً من أصحاب المدخرات التي تتآكل قيمتها، فلا نقول إتاحته لمبالغ متناهية في الصغر، ولا نرتفع بالسقف إلى 6 خانات من الأرقام، فمبلغ 100 أو 50 ألف كحد أدنى مثلاً يمكن كثيراً من العائلات والشركات الصغيرة من المشاركة، خاصة وأن فكرة الصكوك تعتبر من وسائل الادخار والاستثمار معاً، ونحن نئن من انعدام ثقافة الادخار، وضعف ثقافة الاستثمار. هذا الطرح هو الأول، وسيعقبه آخر لتمويل نفس المشروع، وسيعقب ذلك طرح صكوك أخرى لمشاريع أخرى، وأتمنى أن تدرس الجهات التي ستقوم بالطرح، النزول قليلاً إلى قاعدة أكبر من الناس فهذا سيضمن التغطية، وسيزيد من الثقافة الاقتصادية للعامة. بقي شيء صغير احلم به، وهو أن مشاركة الآلاف من المواطنين والمقيمين في تمويل مشروع ضخم وخدمي للوطن ربما منحتهم ذلك الشعور بأنهم مسؤولون عنه، وربما يحافظون عليه أكثر، ويراقبونه ويطورونه أفضل، هي ربما أو اثنتين، وأعود لصكوك «الطفرة» التي نود أن يعم خيرها «الطفران». [email protected] twitter | @mohamdalyami