جدد الرئيس اللبناني ميشال سليمان «التزام لبنان قرارات الشرعية الدولية، بما فيها تلك المتعلقة بالمحكمة الدولية». وندد في كلمة ألقاها امس، أمام اعضاء السلك الديبلوماسي العربي والاجنبي المعتمد في لبنان الذين هنأوه بحلول العام الجديد، ب «الهجمات الارهابية التي تعرضت لها قوات يونيفيل في الجنوب»، مؤكداً «متابعة التحقيق، للتوصل إلى نتائج ملموسة تسمح بكشف الفاعلين ومحرضيهم وإحالتهم على العدالة»، وامل ان «تأتي المراجعة الاستراتيجية الجارية بين القوات الدولية وقيادة الجيش اللبناني بمقترحات تسمح بتحسين فرص النجاح في تنفيذ كامل مندرجات القرار 1701 الذي يلتزمه لبنان». وأكد سليمان عزمه على «مواصلة الجهد من أجل توفير الشروط المناسبة لاستئناف الحوار بين مختلف الأطراف اللبنانية، سعياً الى الحفاظ على سلامة اللبنانيين ووحدتهم وهناء عيشهم، بالتزامن مع الجهد اللازم للتوافق على استراتيجية وطنية دفاعية لحماية لبنان». واذ توقف عند «الحركات الشعبية المطلبية التي شهدها العالم العربي العام الماضي وطاولت العديد من أرجائه»، قال: «على رغم عدم وضوح آفاق المرحلة المقبلة بكل أبعادها، والتصور النهائي لما ستسفر عنه الأوضاع، املنا منذ البداية أن تؤدي المعالجات المختلفة لهذه الأحداث، بعيداً من العنف، إلى تحقيق الإصلاح والانتقال إلى رحاب الديموقراطية، وتالياً توفير الشروط المناسبة لتفعيل العمل العربي المشترك على قواعد سليمة وثابتة. ومن شأن الديموقراطية الحقة ضمان التداول الدوري للسلطة، وإشراك جميع المكونات والفئات في الحياة السياسية، وصون الحريات العامة وحقوق الإنسان». سورية ومصلحة لبنان وقال سليمان: «ينطبق هذا التمني على سورية التي تربطها بلبنان علاقات أخوة وجوار مميزة، ويرى لبنان مصلحة، من منطلق قومي، في أن تنجح المبادرة العربية في المساهمة في إيجاد حل سياسي ومتوافق عليه للأزمة التي تواجهها، والتي أعاقت مسيرتها ونموها الاقتصادي خلال الأشهر المنصرمة، وأزهقت الكثير من الأرواح البريئة»، مشدداً على «قضية فلسطين»، قائلاً: «ان قراءة معمقة لما يشهده العالم العربي من تحولات، تفيد بضرورة مضاعفة الجهد للإسراع في توفير الشروط اللازمة، وبالطرق الفاعلة المناسبة لإيجاد حل عادل وشامل لقضية الشرق الأوسط ولأوجه الصراع العربي - الإسرائيلي كافة، على قاعدة قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة، ومرجعية مؤتمر مدريد، والمبادرة العربية للسلام، التي ستمضي قريباً عشر سنوات على إقرارها في بيروت».. وقال سليمان ان لبنان «يتابع باهتمام مسألة ازدياد حدة التوتر في منطقة الخليج، والاخطار التي باتت تهدد الأمن والسلم الدوليين في تلك المنطقة، ويأمل تغليب منطق الحوار والحلول الديبلوماسية، لتعزيز فرص الاستقرار والازدهار في دول الخليج التي يرتبط معها لبنان بعلاقات أخوة وصداقة». وأكد ان «الاهتمام نفسه ينسحب على العراق»، وأمل «أن يتمكن مع استلامه «منفرداً مسؤولية الأمن على كامل أراضيه، من المضي قدماً في السياسات التي تؤمن وحدته واستقراره وعزته وتوافق أبنائه على قاعدة المواطنة والشراكة والعيش الحر الكريم». وتحدث سليمان عن تمكن لبنان «وسط هذه الأجواء الإقليمية المشوبة بالتوتر من المحافظة على استقراره وتلافي تداعيات الأزمة المالية العالمية وجذب المزيد من الودائع والاستثمارات»، لافتاً الى ان الحكومة اللبنانية «تمكنت من المضي قدماً في تنفيذ بعض ما تعهدت السعي الى تنفيذه في بيانها الوزاري». وقال: «مع صدور قانون تحديد وإعلان المناطق البحرية وقانون النفط والغاز والمراسيم التطبيقية له، أصبح الإمكان متاحاً لاتخاذ الإجراءات الخاصة باستدراج العروض والمباشرة بأعمال التنقيب، علماً أن لبنان سيتمسك بكامل حقوقه في هذا المجال، وفقاً لقواعد القانون الدولي، خدمة لمصالح أبنائه وأجياله الطالعة». ونوه بعدم تراجع «يونيفيل» أمام الإرهاب الذي استهدفها، وسجل ارتياح لبنان «لقرار دول إضافية أخرى المشاركة في عداد يونيفيل، كإرلندا والبرازيل والنمسا وفنلندا». وامل ان «تلحظ المراجعة الاستراتيجية الجارية بين القوات الدولية وقيادة الجيش تمكين الجيش الاستحصال على المعدات والخبرات والتقنيات الحديثة التي تمكنه من المراقبة والرصد والمتابعة والتعقب». وأمل «استمرار دعم المجتمع الدولي للجهود اللازمة لتوفير الموارد المالية والإمكانات لاستكمال برنامج نزع الألغام والقنابل العنقودية، ولمواجهة آثار البقعة النفطية التي تسبب بها القصف الإسرائيلي لمعمل الجية الحراري». وطالب المجتمع الدولي ب «الوفاء بموجباته تجاه وكالة أونروا». وذكر «بحرص لبنان على رفض أي شكل من أشكال توطين اللاجئين الفلسطينيين على أراضيه، وحقه في حماية مصالحه العليا وتغليب المبادئ الأساسية التي يقوم عليها وفاقه الوطني». السفير البابوي وكان السفير البابوي المونسنيور غابريال كاتشيا ألقى، بصفته عميداً للسلك الديبلوماسي المعتمد في لبنان، كلمة نقل فيها «تمنيات البابا بنيديكتوس السادس عشر، الذي يحمل بلادكم في قلبه دائماً»، وهنأ لبنان «لمساهمته في وضع القرارات الدولية، التي تعنيه عن قرب، موضع التنفيذ، خصوصاً ما يتعلق بمهام القوات الدولية وأيضاً المحكمة الدولية». وقال: «إن قوة أي بلد، كبيراً كان ام صغيراً، تبقى مرتكزة على العدالة والحقيقة والحق الذي يسعى إلى تطبيقه ضمن حدوده الخاصة، كما في المؤسسات المختلفة الإقليمية التي تضم بلدانًا متعددة، لتشمل كامل المجموعة الدولية بروح الحوار والمشاركة». وتوقف عند «الربيع العربي، ما ابرز ضرورة وجود العدالة والحرية في بلدان عديدة، محدثة تغيرات كبرى، لم تبلغ بعد نهاية تطورها». ورأى ان «الأسباب العميقة لرياح التجديد أصبحت جزءاً من التاريخ الغني لهذا البلد (لبنان) الذي يشهد حرية حقيقية، يرافقها اعتبار عميق لمختلف مكونات المجتمع التي يعترف بها الدستور رسمياً ويحترمها. بهذا المعنى، ومع أخذ تنوع كل بلد في الاعتبار، فإن لبنان، بدستوره المرتكز على حرية المعتقد، وبخبرته في العيش المشترك، يمكن اعتباره مرجعاً ملهماً للمنطقة». وقال: «العيش المشترك والقدرة على الحوار بين جميع مكونات المجتمع يظهران أن التغيرات الضرورية والمستدامة تتحقق بقوة الأفكار وبالتفاهم، اكثر مما تتحقق بالعنف، وهو أمر رفضه هذا البلد منذ زمن. إن العنف الذي، بمختلف أشكال الإرهاب، لم ينقطع عن تهديد بلدان عديدة في العالم، مع أن السنة المنصرمة شهدت اختفاء أحد المطلوبين الإيديولوجيين، الذي لم يتمكن، طوال السنوات الأخيرة، من أن يضم إلى أساليبه ويقنع حتى الذين يشاركونه بعض ادعاءاته ومطالبه. العنف قوة هدامة، والبناء يحتاج إلى عدالة ومصالحة وسلام». وأشار الى الأزمة الاقتصادية العالمية، معرباً عن سروره لأن لبنان «تمكن من أن يجنب نفسه هذا الوضع الخطير ويوفر الاطمئنان والثقة للأسواق العالمية. إنها علامة أخرى من خصوصية هذا البلد، يمكن البناء عليها من أجل مستقبل اكثر ازدهاراً». ورأى ان زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للبنان «معبرة جداً، فقد أشار الى فائدة لبنان، وإلى دوره والمكانة التي يحتلها في الأسرة الدولية. وكنتم أنتم، يا فخامة الرئيس، المحفز في الأممالمتحدة، لجعل هذا البلد رسالة، ومركزاً عالمياً لحوار الديانات والثقافات والحضارات في العالم». وخاطب سليمان قائلاً: «آمل بقيادتكم الحكيمة والصبورة، أن يتمكن هذا البلد من مواصلة نموه، في مناخ من الحوار والاحترام، للحفاظ على وحدته، التي تضمنها دولة سيدة مستقلة، واعية لما يجري حولها، ولكنها غير منخرطة في «معارك» ليست معاركه، وللمحافظة على هذه الروحية، من المهم الاستمرار بجهد مضاعف، في تنشئة الأجيال الجديدة». وقال: «في هذه السنة تدخلون في النصف الثاني من ولايتكم، وبالنظر إلى ما حققتموه في السنوات الثلاث المنصرمة، لا يمكننا إلا أن نشكركم لأنكم، حتى في الأوقات الأكثر اضطراباً، عرفتم مع معاونيكم، أن توفروا فترة من السلام، بما فيها الاستحقاقات الانتخابية، النيابية والبلدية، التي أجريت بصورة ديموقراطية هادئة، كما حصل تبديل للحكومة. وإن التمكن من الحفاظ على السلام ليس من أبسط الإنجازات، فعليه يمكن استمرار البناء في شتى المجالات الضرورية من أجل إنماء متكامل للبلد».