اجرى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون امس في لبنان، سلسلة محادثات مع كبار المسؤولين السياسيين في مستهل زيارته الرسمية للبلد التي تستمر ثلاثة ايام وتتخللها محطة جنوبية اليوم للقاء قيادة القوات الدولية (يونيفيل). ووصل بان في الثانية الا ربعاً بعد الظهر الى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت آتياً من نيويورك، يرافقه كل من تيري رود لارسن وقائد قوات «يونيفيل» الجنرال البرتو اسارتا. واستقبله وزير الاقتصاد نقولا نحاس ممثلاً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والامين العام لوزارة الخارجية بالوكالة السفير وفيق رحيمي ورئيس البعثة اللبنانية الى الاممالمتحدة السفير نواف سلام ومديرة المراسم في الوزارة ميرا ضاهر (وزير الخارجية عدنان منصور موجود في ليبيا في زيارة رسمية)، الامينة التنفيذية ل «اسكوا» ريما خلف، والمنسق العام للامم المتحدة في لبنان بالانابة روبيرت واتكنز وسفير كوريا بيونغ كيم. في بعبدا واستهل بان محادثاته مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان باجتماع ثنائي أعقبه اجتماع موسع شارك فيه اعضاء الوفد الدولي المرافق لبان، وشارك عن الجانب اللبناني: وزراء الدفاع فايز غصن، الداخلية مروان شربل، العدل شكيب قرطباوي، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس النيابي عبد اللطيف الزين، قائد الجيش العماد جان قهوجي. وجدد سليمان، بحسب بيان لاعلام القصر الجمهوري، «تأكيد حرص لبنان على قوات يونيفيل وعلى الدور الذي تقوم به، مقدراً تضحيات ضباطها وافرادها، ومديناً الهجمات الارهابية التي تعرضت لها خلال العام المنصرم». وأكد «العزم على متابعة التحقيق بالتنسيق والتعاون مع قيادة يونيفيل لكشف الفاعلين ومحرضيهم وإحالتهم الى العدالة». ولفت الى ان «اجراءات عملية محددة خلال الاشهر المنصرمة لتوفير حماية افضل للقوات الدولية». وأمل في ان تودي «المراجعة الاستراتيجية القائمة بين الجيش اللبناني ويونيفيل الى اقتراحات من شأنها تسهيل تنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته من دون تعديل في عديد القوات الدولية او مهمتها اضافة الى تزويد الجيش اللبناني بالمعدات والتقنيات الحديثة لتمكينه بصورة اكثر فاعلية من المساهمة في المهام الموكلة اليه وإلى يونيفيل بموجب القرار 1701 الذي يفرض انسحاباً اسرائيلياً من دون شرط من كامل الاراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلها ووقف الخروق اليومية للسيادة». ورأى سليمان ان «صدقية المجتمع الدولي تقتضي أن يسعى مجلس الامن لتطبيق القرارات الملزمة التي اتخذها بعيداً من ازدواجية المعايير، ولا سيما تلك الخاصة بقضية الحق والعدالة في فلسطين». وطلب من بان «الاستمرار في دعم الجهود اللازمة لتأمين الموارد المالية والامكانات لاستكمال برنامج نزع الألغام والقنابل العنقودية في لبنان واستمرار مواجهة آثار البقعة النفطية التي تسبب بها القصف الاسرائيلي لمعمل الجية الحراري عام 2006». وأكد ان «لبنان كفيل من طريق الحوار بتغليب نهج الاعتدال ومنطق العقل ومصلحة لبنان العليا بالتوافق على كيفية تنفيذ ما اتفق عليه والمضي قدماً في البحث الايجابي الهادف الى التوافق على استراتيجية وطنية للدفاع عن لبنان». وشدد سليمان على عزم لبنان على «المضي في التحضير للتنقيب عن النفط والغاز وتمسكه بكامل حقوقه في هذا المجال»، لافتا إلى «إمكان قيام الأممالمتحدة بدور لتأكيد الحق اللبناني وتثبيته». واشار البيان الى ان الجانبين تطرقا الى «الأحداث الجارية في بعض دول العالم العربي»، وأمل سليمان في أن «تسفر المعالجات بعيداً من العنف، عن تغليب منطق الحوار والتوصل إلى تحقيق الإصلاح والتحول إلى الديموقراطية التي تسمح بتداول السلطة واعتماد معيار واحد لها يضمن الحق الفلسطيني في الانتماء إلى منظمة الأممالمتحدة». وأثنى بان في كلمة على «الدور الذي قام به لبنان عبر عضويته غير الدائمة في مجلس الأمن والحرفية التي عالج بها المشكلات والملفات الدولية التي طرحت خلال عامين». واشاد «بموقف لبنان لجهة التزامه قرارات الشرعية الدولية، خصوصا أنه دولة مؤسِّسة لمنظمة الأممالمتحدة، ولا سيما منها القرار 1701 والقرار المتعلق بالمحكمة الخاصة بلبنان». كما نوه ب «الجهود القائمة لاستئناف الحوار الوطني كمدخل لتحقيق الاستقرار والتوافق على استراتيجية وطنية دفاعية، وعلى استمرار لبنان في احترام التزاماته الدولية». لقاء ميقاتي وبري ثم انتقل بان يرافقه رود لارسن ومستشارون الى السراي الكبيرة، واجتمع الى الرئيس ميقاتي في حضور وزير الاقتصاد نقولا نحاس والامين العام لمجلس الوزراء سهيل البوجي والأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء عدنان مرعي. وشدد ميقاتي، بحسب ما وزعه مكتبه، على «أن المظلة الدولية التي يوفرها انتشار القوات الدولية في الجنوب تعكس اهتمام المجتمع الدولي بلبنان وأمنه واستقراره، ومثل هذه المظلة يفترض ان تحمي لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة». وقال: «الممارسات العدائية التي تقوم بها اسرائيل ضد لبنان براً وبحراً وجواً، وانتشار شبكات التجسس التي تستخدمها ضد لبنان، تجعل عمل القوات الدولية عرضة للتعثر من حين الى آخر، والشواهد على ذلك كثيرة، ذلك ان اسرائيل لا تقيم وزناً لارادة المجتمع الدولي وتتصرف على اساس أنها استثناء لا ينطبق عليها واجب احترام القرارات الدولية على انواعها». وأكد في المقابل «ان لبنان يحترم دائماً التزاماته حتى في اصعب الظروف، ومنها ما يتعلق بالمحكمة الخاصة بلبنان، إلا ان ذلك لا يكفي من اجل تأمين الاستقرار». وأكد «تمسك لبنان بدور يونيفيل لجهة تطبيق القرار 1701»، مشدداً على ان «لبنان يلتزم تطبيق هذا القرار ويدعو الاممالمتحدة الى إلزام إسرائيل بتطبيقه كاملاً». وجدد «تضامن لبنان، دولة وحكومة وشعباً، مع القوات الدولية وإدانة الاعتداءات المتكررة التي تعرضت لها». وقال ان «لبنان الذي يحترم القرارات الدولية، يتطلع الى استمرار التعاون مع الدول المشاركة في القوات الدولية، ويثمّن عالياً رغبة هذه الدول في المضي قدماً في دورها تعزيزاً للاستقرار في الجنوب وحماية لأهله ولتوفير الاطمئنان لهم». ونوّه «بالتعاون والتنسيق الكاملين القائمين بين الجيش اللبناني قيادة وضباطاً وأفراداً وبين القوات الدولية، والذي أثمر أمناً واستقراراً في منطقة العمليات الدولية وعلى طول الحدود». وجدَّد «المطالبة بدعم الجيش اللبناني لتنفيذ المهام المطلوبة منه». ودعا «الى العودة الى مبادرة السلام العربية». وجدد تأكيد تمسك لبنان بحقه في تثبيت حدوده البحرية واستغلال ثرواته الطبيعية في مياهه الاقليمية وفي منطقته الاقتصادية الخالصة، لا سيما النفطية والغازية منها». وأكد بان، بحسب البيان «أن الخروق الاسرائيلية للاجواء والاراضي اللبنانية تشكل تهديداً لصدقية القوات الدولية وانتهاكا للسيادة اللبنانية»، وقال إنه «سيثير هذا الأمر مع المسؤولين الاسرائيليين في خلال زيارته المقبلة لإسرائيل». وإذ شدد على «أهمية الانسحاب الاسرائيلي من بلدة الغجر»، دعا الى «التعجيل في الحوار الاستراتيجي بين الجيش اللبناني ويونيفيل لتمكين الجيش من تسلم مهامه الكاملة في الجنوب وليس بهدف تقليص عديد القوات الدولية». ودعا الى «ضبط الامن على الحدود اللبنانية والى العمل على نزع سلاح الميليشيات»، وحض «لبنان على البدء باستثمار ثرواته النفطية في المناطق البحرية غير المتنازع عليها، على ان يتواكب ذلك مع اتصالات لحل الإشكالات بشأن المناطق المتنازع عليها». br / ثم اجرى المسؤول الدولي محادثات مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ولم يدل بأي تصريح. ومن المقرر ان يلتقي بان في مقر اقامته في الثالثة بعد ظهر اليوم وفداً من «قوى 14 آذار» وقيادات سياسية اخرى. وتلتقي رجاء العيسمي شرف الدين، ابنة احد ابرز مؤسسي حزب «البعث العربي الاشتراكي» والقيادي السابق فيه شبلي العيسمي، كبارَ العاملين في المكتب الخاص للامين العام بان لتسليمه مذكرة حول اختفاء والدها في عاليه في ايار (مايو) الماضي والظروف التي رافقت اختفاءه والجهود التي بذلت لجلاء مصيره. وعلمت «الحياة» ان بان طلب شخصياً من احد مساعديه لقاء ابنة العيسمي في الساعات المقبلة بعدما كان عدد من مساعديه في نيويورك التقوا اول من امس ولديه مازن وبشار المقيمَيْن في الولاياتالمتحدة.