تشهد المحافل السياسية، المحلية والأجنبية، نقاشات حادة حول تداعيات غلق مضيق هرمز، وترافقت النقاشات مع تكهنات لها خلفيات فكرية وسياسية، وبرز التباين بين كلام المسؤولين الأميركيين والكلام في الدول الخليجية. التباين هذا يبرز إثر الحوادث التي شهدها بعض الدول العربية، والسباق الانتخابي الأميركي، والأوضاع الاقتصادية العالمية، وحملة التخويف الرامية الى تهديد الدول الخليجية. ولا شك في ان مضيق هرمز هو واحد من أربعة او خمسة مضائق حساسة وإستراتيجية في العالم تؤثر في التجارة العالمية. لذا لا يقف العالم موقف المتفرج إزاء أي تغيير يحدث في هذه المنطقة، في وقت تعتبر إيران المضيق ثرياً تسعي إلى إبقاء مصابيحها متوهجة علي الدوام في المياه الخليجية. ويعبر هذا المضيق نحو 90 في المئة من نفط المنطقة، بمعدل 16.5 مليون برميل يومياً، أي نحو ربع الاستهلاك العالمي، وهو يساهم في تصدير 35 مليون طن من الغاز السائل من قطر. والنفط والغاز المصدران عبر هرمز هما 70 في المئة مما تستهلكه اليابان والصين، كما تستفيد القطع البحرية الأميركية (...) من المضيق. وتشير التقديرات الي ان 30– 34 مليون برميل من النفط ستعبر هذا المضيق يومياً عام 2020. ولا ترمي السياسة الإيرانية الإستراتيجية الى الاشتباك في هذه المنطقة، وهي تدعو الدول الخليجية والجهات التي ترغب في تأزيم الاوضاع في هذه المنطقة الي وضع حد للمرابطة الأجنبية في المنطقة والرد علي السؤال التالي: لماذا يقاطَع النفط الإيراني؟ وما الذي يرتجى من هذه المقاطعة؟ فعدم مشاركة ايران في السوق النفطية العالمية يربك هذه السوق ويثير الاضطراب فيها. وبإمكان الدول المصدرة والمستهلكة للنفط اللجوء الى احتياطاتها النفطية، ولكن هل تستطيع هذه الدول اعتماد هذا الحل مدة طويلة؟ وهل تمكن السيطرة علي حركة العرض والطلب في السوق؟ بالتالي، يفترض بدول المنطقة المنتجة للنفط ان تدرس تداعيات الأخطار المترتبة على الاصطفاف وراء الدول الغربية، وأن تحذر الدول التي تثير الاضطراب في المنطقة من أنها تلحق بها (المنطقة) الأضرار الفادحة. ولا تسعى الحكومة الايرانية الى تأزيم الاوضاع في الخليج، ويجب ألا تسمح بما يعكر أمن المنطقة، وحري بها التزام الخيارات الديبلوماسية والاستفادة من النخب الايرانية المنتشرة في الخارج من اجل تعزيز فرص استخدام الخيارات هذه التي تخدم المصالح الإيرانية. والمسؤولون الإيرانيون مدعوّون إلى تجنب إطلاق التصريحات غير المدروسة التي تسيء إلى مصالح إيران، فغلق مضيق هرمز لا يصب في مصلحة أحد. * معاون وزير النفط سابقاً، عن «شرق» الايرانية، 11/1/2012، اعداد محمد صالح صدقيان