كان رحيل الصحافي الفرنسي جيل جاكييه إلى سورية ومنها، ومرور عام على الثورة التونسية، والفضيحة الأخيرة للجيش الأميركي في افغانستان، من أهم ما تناوله الإعلام الفرنسي من أحداث دولية خلال عطلة نهاية الأسبوع. وشكّل وصول جثمان جيل جاكييه، الصحافي الذي قتل في سورية الاربعاء الماضي، مناسبة للحديث عن ظروف «المأساة»، وعن فتح تحقيق بالقتل «المتعمد» بعد كشف «أشياء مشبوهة»، ومنها «انسحاب الجيش فجأة وعند أول إطلاق نار». وكانت «فرانس 2» التي كان يعمل فيها جاكييه أكثر من تناول الحدث عبر تحقيقات مع زملاء للصحافي كانوا برفقته. ولم تدل زوجة جاكييه، وهي مصورة صحافية كانت في سورية، بأي تعليق، وتوجهت فوراً للاطمئنان على طفليهما. ولكن، في تحقيق بثته «فرانس 2»، طرح الزملاء الباقون أسئلة حول ظروف مقتل زميلهم، وتحدثوا عن أمور «مفاجئة»، مثل «انسحاب» قوات الجيش المكلفة حماية الفريق الصحافي قبل الانفجار وعند أول إطلاق نار، و «التظاهرة المؤيدة في حي الزهرا». وذكر صحافي سويسري أن المتظاهرين بدوا «كأنهم يدفعونهم دفعاً نحو جهة الصدامات»، وأن شيئاً لم يحدث لتجنب المأساة، بل بدا وكأن «كل شيء جرى كي تتم». بثت المحطة مشاهد من خيمة العزاء التي أقيمت لجاكييه في حمص، والتظاهرات التي كرمته، وأشارت إلى عدم وجود ممثلين عن «فرانس تلفزيون»، القطاع العام الذي كان يعمل فيه جاكييه، في اللجنة التي شكلتها الحكومة السورية للتحقيق في ظروف مقتله. وكان لافتاً أن الشكوك القوية، والتي تمثلت بالسؤال: «لماذا انسحبوا مع أن دورهم كان الحماية؟!»، لم تتحول إلى اتهامات صريحة من قبل القنوات لأي جهة، فيما أوردت تلك ما بثه التلفزيون السوري عن «اتهام المعارضة» بالعملية. وتثير القضية الثانية، وهي تبوُّل جنود أميركيين على جثث مقاتلين من طالبان، الانتباه كذلك حول اختلاف «الوازع الإخلاقي» لدى وسائل الإعلام وتباين تعاملها مع الحدث في بعض الأحيان، وهنا مع الصورة تحديداً، ففي حين اهتمت «الجزيرة» بالتشويش على منظر «تبول» الجنود، مظهرة الجثث في الصورة، لم تكترث المحطات الفرنسية بإخفاء هذه العملية، إذ كان اهتمامها منصبّاً على إخفاء منظر الجثث، فبان مشوشاً بالكامل. وجاء الحل الوسط من «فرانس 24» الفرنسية، التي غطت جزءاً يسيراً من العملية ومعها وجوه الجثث. ويظهر الخبر الثالث الاهتمام الذي تثيره «فئات»، رغم قلة عددها، في الإعلام الفرنسي، إذ ركز تحقيق بثته «فرانس 2» عن الثورة التونسية في عامها الأول على السلفيين وما يقومون به من فرض لمفاهيمهم، حتى بالضرب، وبثت شهادات للمضروب والضارب. ومع تذكير التحقيق في خاتمته بأن السلفيين «أقلية»، يفرض سؤال نفسه: لما طغوا إذاً بنسبة تفوق نسبة تواجدهم الحقيقية؟ ربما على أساس «صغير لكن فعله كبير».