في وقت تدور تكهنات في مصر عن حل مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) المصري، بدا أن جماعة «الإخوان المسلمين» لن تحتفظ بكتلتها في البرلمان المقبل سواء حُلّ المجلس أو أجريت الانتخابات البرلمانية في نهاية العام المقبل حين تنتهي ولايته. وكانت جماعة «الإخوان» حققت فوزاً كبيراً في انتخابات عام 2005 ونالت حوالى 20 في المئة من مقاعد البرلمان الحالي (444 مقعداً إضافة إلى عشرة نواب معينين) وقادت معارضة قوية لتعديلات دستورية مهمة سمحت بإجراء انتخابات رئاسية تنافسية للمرة الأولى في تاريخ مصر الحديث، لكن رافضيها رأوا أنها تقصر الترشيح على أشخاص محددين، إذ تتطلب شروطاً قد لا تتوافر في شخصيات يرى البعض أنها مؤهلة للمنافسة على الحكم. ومنذ انتهاء الدورة البرلمانية لمجلس الشعب قبل أسابيع، لا تخلو الصحف من أنباء عن قرب صدور قرار بحل المجلس يقابلها تصريحات لقياديين في «الحزب الوطني» الحاكم تنفي علمها بالحل، لكنها تؤكد أن القرار في يد رئيس الجمهورية الذي يخوله الدستور اتخاذه إن رأى ضرورة لذلك. وعزز توقعات المراقبين بحل المجلس القول إن المناخ السياسي لا يتحمل إجراء انتخابات تشريعية تعقبها أخرى رئاسية في غضون أقل من سنة. ووسط هذا المناخ من التكهنات والضبابية للمستقبل السياسي في مصر، هناك تأكيدات أن جماعة «الإخوان المسلمين» لن تنال عدداً كبيراً من مقاعد البرلمان المقبل. وقال قيادي في «الحزب الوطني» الحاكم ل «الحياة» إن صعود «الإخوان» وحصولهم على هذا العدد الكبير من مقاعد مجلس الشعب كان «خطأ تنظيمياً من الحزب الوطني، وهو لا يعكس شعبية للإخوان»، مشيراً إلى أن منافسة أعضاء «الحزب الوطني» بعضهم بعضاً في كثير من الدوائر في الانتخابات الماضية سمح بتفتيت أصوات أنصار الحزب، وهو ما صب في مصلحة مرشحي «الإخوان». وأكد أن مثل هذه الأخطاء «لن تتكرر» في الانتخابات المقبلة، إذ ستصدر تعليمات قيادية بتغليب الانتماء الحزبي على المصلحة الشخصية وستلتزم جميع قيادات وأعضاء الحزب بتأييد مرشحيه، ولن يخوض أعضاء «الوطني» الانتخابات كمستقلين بعد ذلك تجنباً لتفتيت الأصوات «وبالتالي لن تتوافر لمرشحي الإخوان فرصاً للفوز لأنهم في الحقيقة لا يملكون أي شعبية». وكان رئيس مجلس الشعب المصري أحمد فتحي سرور انتقد في حوار لجريدة «الأهرام» القومية قبل أيام الأعضاء المستقلين في البرلمان ومن ضمنهم «الإخوان». وقال إن «من مصلحة الحزب الوطني أن يجد معارضة حزبية داخل البرلمان وليست معارضة من المستقلين ... كل مستقل (يمثل) قنبلة موقوتة لأنه لا ينتمي إلى قوة شرعية». وأضاف أن «أداء المستقلين اتسم بالعشوائية ... على الجماهير أن تدرك أن الحياة السياسية يجب أن تقوم على الغالبية والمعارضة لأن تداول السلطة لا يكون إلا بين الأحزاب ... إن أراد المستقلون أن يخوضوا غمار الحياة السياسية فعليهم الانخراط داخل الأحزاب أو أن يشكلوا حزباً سياسياً. أما أن يظلوا مستقلين فمكانهم النقابات المهنية والجمعيات وليس الحياة السياسية». ويقول خبير الحركات الإسلامية في مركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي ل «الحياة» إن أكثر التقديرات تفاؤلاً تشير إلى أن الإخوان لن يحصلوا على أكثر من 17 مقعداً في البرلمان المقبل إن لم يكن أقل. ويضيف أن كل المؤشرات تؤكد أن الهدف هو إقصاء «الإخوان» عن الحياة السياسية وليس عن الحياة العامة، إذ من الجائز السماح ل «الإخوان» بالعمل الدعوي والعمل العام في النقابات والجامعات «لكن المطلوب هو استبعادهم من الساحة السياسية، وخصوصاً في هذه المرحلة التي يعد فيها المسرح السياسي لتوريث السلطة. وبالتالي فإن وجود كتلة برلمانية قوية من جماعة الإخوان سيثير مشكلات، نظراً إلى هشاشة الوضع السياسي والاجتماعي الذي لا يحتمل اضطرابات ولا سيما مع انتقال السلطة». وأشار في هذا الصدد إلى أن قضية التنظيم الدولي المتهم فيها أربعة من أعضاء مكتب إرشاد الجماعة من بينهم رئيس الكتلة البرلمانية للجماعة سعد الكتاتني هدفها إضعاف «الإخوان» في هذه المرحلة. وبدا أن جماعة «الإخوان» نفسها تستشعر محاولات إقصائها. ويقول رئيس المكتب السياسي للجماعة عصام العريان ل «الحياة» إن الجماعة عاشت عشر سنوات خارج البرلمان ولم تنته، وبعد ذلك حصدت عشرات المقاعد، معتبراً أن «سيطرة رجال الأعمال على البرلمان وتدخلهم لإقرار قوانين تحقق مصالحهم يلقي ظلالاً على دور البرلمان ... العمل من أجل الإصلاح لا يقتصر على البرلمان ونحتاج إلى إصلاح حقيقي. وفي ظل ضعف دور البرلمان، فإن الغياب عنه لن يؤثر لأن وجودك في مؤسسة غير مؤثرة لن يفيد في شيء». وأضاف أن غياب «الإخوان» عن البرلمان المقبل سيكون نوعاً من «التغييب المتعمد» لأن الإخوان حاضرون في الشارع وبالتالي غيابهم عن البرلمان «نوع من تزوير إرادة الأمة». وألمح العريان إلى أن الجماعة لن تستميت في الاحتفاظ بمقاعدها البرلمانية «ولكنها ستستميت في الحفاظ على مواقعها في قلوب الناس».