أجرى وزير الخارجية التركي احمد داود أوغلو على هامش مشاركته في اجتماع منظمة «أسكوا» في بيروت سلسلة لقاءات مع شخصيات لبنانية استكمالاً للقاءات كان أجراها أول من امس. وقال أوغلو للذين التقاهم، إنه يعطي أهمية خاصة لزيارته موسكو بعد عشرة أيام واجتماعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، خصوصاً أن هذه الزيارة تأتي في أعقاب إنجاز التقرير الثاني لفريق المراقبين العرب الى سورية، والذي يفترض ان يعكس واقع الحال في سورية، لكن هذه المرة بلهجة قاسية وفيه انتقادات شديدة للنظام السوري بسبب عدم تقيده بالمبادرة العربية وتطبيقها. ونقل هؤلاء عن أوغلو قوله، إن الأزمة في سورية أخذت تقترب من التدويل، لأن مجلس الأمن لا يمكنه ان يلوذ بالصمت حيال ما يجري فيها، مشيراً إلى ان تركيا تتعاطى مع النظام السوري على أساس أنه انتهى. وأكد أوغلو أمام زواره أن جميع الأطراف، سواء أكانوا إقليميين أم دوليين، يقوّمون حالياً الوضع في سورية، وصحيح ان لديهم مصالح وعندهم حسابات لكنهم لن يكونوا الى جانب النظام السوري في قمعه الاحتجاجات. ولفت أيضاً الى ان موسكو قد تضطر الى مراجعة حساباتها لأن لا مصلحة لها في أن تعادي المنطقة، وبالتالي لن تضع فيتو على ما قد يصدر عن مجلس الأمن، وإلا ستحرج أمام الرأي العام العالمي. وإذ اعتبر ان الموقف الروسي لا بد من أن يتطور، لفت الى وجود أزمة بين روسيا والولايات المتحدة «وسنحاول مع الدول الأوروبية والعربية القيام بشيء ما على هذا الصعيد، والموقف الروسي ليس ميؤوساً منه». ومع ان أوغلو لم يتطرق بالتفصيل الى المحادثات الماراتونية التي أجراها مع كبار المسؤولين الإيرانيين في زيارته الأخيرة لطهران، أكد في المقابل ان زيارته استغرقت 32 ساعة أمضى منها 28 ساعة في محادثات تناولت الوضع في المنطقة من الملف النووي الى سورية. ولم يقطع أوغلو الأمل بأن تغير ايران موقفها تدريجياً، لكنه لفت الى انها منشغلة الآن في مواجهة على كل المستويات. وقال إنه سمع كلاماً من المسؤولين الإيرانيين مفاده: «تقولون ان النظام السوري غير قادر على الاستمرار، فما هي البدائل في رأيكم؟». وأعلن أوغلو مشاركته القيادات اللبنانية التي التقاها مخاوفها من احتمال استيراد الأزمة السورية الى لبنان، لكنه استبعد ان يبادر النظام السوري الى القيام بأي رد فعل يمكن ان يهدد الاستقرار العام الذي يتطلب من الجميع الحفاظ عليه، ورأى ان لا مصلحة ل «حزب الله» في إقحام لبنان في الفوضى، «وهذا هو موقفه حتى الآن». وشدد أوغلو على ضرورة التواصل واستئناف الحوار، لكنه سمع من قيادات 14 آذار، وتحديداً من وفد «المستقبل» الذي التقاه برئاسة السنيورة، أن الطرف الآخر هو الذي أوقف الحوار وحال دون تطبيق ما اتفق عليه في جلساته الأولى، وأن ل «حزب الله» دوراً في التراجع عما تم التوصل اليه. أما في شأن اجتماعه مع رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، فأكد أوغلو للذين التقاهم أنه أجرى معه محادثات طويلة، لكن من موقع الاختلاف حيال ما يدور في سورية، وان رعد ينظر الى كل ما يحصل على أنه استهداف لدول الممانعة في المنطقة من خلال سورية ومحاولة لتطويق المقاومة للاحتلال في المنطقة العربية. وإذ أكد رعد وقوف «حزب الله» الى جانب الحوار وضرورة تحقيق الإصلاحات، فإن أوغلو شدد في المقابل على دور الحزب في الساحة اللبنانية، وان ما من أحد يستهدفه، وان مصالحه تتطلب منه اعادة النظر في مواقفه، وان لديه من الضمانات والتطمينات ما يدعوه الى النظر من زاوية أخرى الى التطورات الجارية في سورية. والتقى أوغلو بعد الظهر رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط في فندق «فينيسيا» في حضور نائب رئيس الحزب للشؤون الخارجية دريد ياغي. وزار أوغلو بعد الظهر مقر إقامة الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سعد الحريري، واستقبله رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة الذي أقام على شرفه مأدبة غداء حضرها الوزيران السابقان طارق متري ومحمد شطح ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري والدكتور رضوان السيد. وجرى عرض المستجدات الإقليمية والدولية. والتقى الوزير التركي مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ثم نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان الذي أعلن رفض الفتنة المذهبية وطالب ب «الحفاظ على سورية ودعم استقرارها لأنها حاجز الدفاع الأول في التصدي لإسرائيل». والتقى متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده في دار المطرانية في الأشرفية. وأقام رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» الرئيس أمين الجميل مأدبة عشاء تكريمية لأوغلو في دارته في سن الفيل.