لم يخطر في بال الدكتور سعد الكتاتني، وهو في طريقه إلى ميدان التحرير ليشارك في الثورة بعد ساعات من فراره من سجن وادي النطرون (جنوبالقاهرة) ضمن آخرين فروا من السجون المصرية عقب اندلاع الثورة، أن تأتي به الأحداث ليعتلي سدة البرلمان المصري. كما لم يتخيل أحد في مصر قبل عامين أن أقلية «الإخوان» ستتحول غالبية برلمانية في أول انتخابات حرة ونزيهة في تاريخ مصر الحديث. نجا الرجل الذي يحتفل ببلوغه الستين عاماً مطلع نيسان (أبريل) المقبل، من محاولة اقتحام سجن وادي النطرون مساء الجمعة 28 كانون الثاني (يناير) أو ما سميت ب»جمعة الغضب»، والتي شهدت عمليات إطلاق نار كثيفة من قبل مهاجمين أصيب فيها عدد من السجناء، بعدها تركت قوات الشرطة السجن خاوياً... لينتظر الكتاتني داخل السجن حتى وصلت عائلته صباح السبت التي اصطحبته إلى منزله، ومن ثمَّ نزل إلى ميدان التحرير ليشارك في الثورة... ليتمكن من الترشح على رأس قائمة «الإخوان المسلمين» في محافظة المنيا (صعيد مصر)، ويحوز ثقة الجماعة في رئاسة برلمان الثورة. يصفة مؤيدون ب»رمانة الميزان». إذ أنه تمكن من إدارة دفة أداء الكتلة البرلمانية ل»الإخوان» حين ترأسها في الدورة البرلمانية 2005 – 2010. وعلى ما يظهر أن تلك المسألة رفعت من أسهمه لدى قيادات الجماعة على آخرين ربما يشغلون مناصب أعلى منه داخل الصف الإخواني. وارتفعت أسهمه في السنوات الأخيرة بشكل كبير داخل الجماعة، فعهد له الاجتماع مع القوى السياسية ذات التوجه الليبرالي لمحاولة “توافق الرؤى”، حتى إنه نظم لقاء عقد قبل الثورة بأشهر بين المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي ومرشد «الإخوان» محمد بديع. كما كان عضواً في الجمعية الوطنية للتغيير، قبل أن يعهد إليه تأسيس حزب «الحرية والعدالة» والذي شغل فيه منصب الأمين العام. تخرَّج الدكتور محمد سعد الكتاتني في كلية العلوم العام 1974، وحصل على درجة الدكتوراه في العلوم العام 1984، ليعمل بعدها أستاذاً للميكروبيولوجي بقسم النبات في كلية العلوم جامعة المنيا، ثم رئيس قسم النبات في الكلية، قبل أن يحصل على ليسانس آداب من قسم الدراسات الإسلامية العام 2000، وانتخب سكرتيراً عاماً لنادي أعضاء هيئة التدريس في جامعة المنيا في الفترة من 1990- 2006. دخل الكتاتني المجال السياسي بعد التحاقه بجماعة «الإخوان المسلمين»، ليكون من أوائل مؤسسي لجنة التنسيق بين الأحزاب والقوى الوطنية والنقابات المهنية، ثم رئيساً للمكتب الإداري للجماعة في محافظة المنيا، قبل أن ينتخب عضواً في مجلس الشعب العام 2005، لتقوم الكتلة البرلمانية ل»الإخوان» بانتخابه رئيساً لها، بعدها انتخب عضواً في مكتب الإرشاد، قبل أن تختاره الجماعة ناطقاً باسمها. ومثَّل الكتاتني البرلمان المصري في عدة محافل دولية. ربما يتذكر الأمين العام لحزب «الحرية والعدالة» الكتاتني، دعاء رجل الأعمال أحمد عز الساخر في آخر جلسة من جلسات مجلس الشعب العام 2005، «اللهم أورثنا مقاعد الإخوان»، لينقلب الحال بعد الثورة ويرأس الكتاتني البرلمان، فيما ورث عز مقاعدهم في سجن طره.